مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢١٦
كما قاله بعض المتأخرين أن يكون عذرا. (وتتأكد له) أي المستمع (بسجود القارئ) للاتفاق على استحبابه في هذه الحالة للمستمع، بخلاف ما إذا لم يسجد فإنه لا يستحب له على وجه ولا يقتدى في سجودها في غير الصلاة ولا ترتبط به، فله الرفع من السجود قبله كما صرح به في الروضة. قال الزركشي: وقضية ذلك منع الاقتداء به، لكن قضية كلام القاضي والبغوي جوازه وينبغي اعتماده. (قلت: وتسن للسامع) وهو من لم يقصد السماع، (والله أعلم) لكنها للمستمع آكد منه للسامع. ولو قرأ آية سجدة في غير محل القراءة كأنه قرأها في حال ركوعه أو في سجوده أو في صلاة جنازة لم يسجد بخلاف قراءته قبل الفاتحة، لأن القيام محل القراءة في الجملة، وكذا إن قرأها في الركعة الثالثة والرابعة لأنهما محل القراءة، بدليل أن المسبوق يتدارك القراءة فيهما، بل قيل تسن القراءة فيهما مطلقا. قال الزركشي: ويستحب تركها للخطيب إذا قرأ آيتها على المنبر ولم يمكنه السجود مكانه إن خشي طول الفصل والانزال وسجد إن لم يكن فيه كلفة، فإن أمكنه مكانه سجد. والأصل فيما ذكر ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه (ص) كان يقرأ القرآن فيقرأ السورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته. أما من لم يسمع فلا يسجد اتفاقا وإن علم برؤية الساجدين ونحوها. (وإن قرأ في الصلاة) في محل القراءة (سجد الإمام والمنفرد) أي كل منهما، (لقراءته فقط) فلا يسجد لقراءة غيره، فإن فعل عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته. (و) يسجد (المأموم لسجدة إمامه) فقط، فلو سجد لقراءة نفسه أو غيره أو لقراءة إمامه لكن عند عدم سجوده كما سيأتي عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته (فإن سجد إمامه فتخلف) هو (أو انعكس) بأن سجد دون إمامه (بطلت صلاته) للمخالفة، هذا مع استمراره مأموما، فإن أخرج نفسه من الجماعة لأجل السجدة فهل هي مفارقة بعذر أو بغيره؟ مقتضى ما في المجموع أنها بعذر، ويندب للمأموم عند ترك الإمام قضاؤها بعد السلام، كذا قاله الرافعي، ومراده بالقضاء: القضاء اللغوي، وهو الأداء، إذ الواقع في هذه المسألة كما قال الأسنوي عدم القضاء، ومعلوم أن محله إذا لم يطل الفصل وإلا فات. ويكره للمأموم قراءة أية سجدة وإصغاء لقراءة غير إمامه لعدم تمكنه من السجود، ويكره أيضا للمنفرد والإمام الاصغاء لغير قراءتهما ولا يكره لهما قراءة آية سجدة ولو في السرية، لكن يستحب للإمام تأخيرها فيها إلى فراغه كما في الروضة. ومحله كما قال الأسنوي عند قصر الفصل.
تنبيه: قول المصنف: الإمام والمنفرد تنازع فيه قرأ وسجد، فالقراء يعملهما فيه، والكسائي يقول: حذف فاعل الأول، والبصريون يضمرونه، والفاعل المضمر عندهم مفرد لا مثنى إذ لو كان ضمير تثنية لبرز على رأيهم فيصير قرآ ثم الافراد مع عوده على الاثنين بتأويل كل منهما كما تقدم، فالتركيب صحيح على مذهب البصريين كغيره من المذهبين.
قبله، وليست صحته خاصة بالمذهبين قبله نظر إلى عدم تثنية الضمير للتأويل المذكور. (ومن سجد) أي أراد السجود (خارج الصلاة نوى) سجدة التلاوة وجوبا، لحديث: إنما الأعمال بالنيات. (وكبر للاحرام) بها كذلك للاتباع كما أخرجه أبو داود لكن بإسناد ضعيف، وقياسا على الصلاة. (رافعا يديه) ندبا كما مر في تكبيرة الاحرام، (ثم) كبر ندبا (للهوي) للسجود (بلا رفع) يديه، (وسجد) سجدة (كسجدة الصلاة) في الأركان والشروط والسنن، (ورفع) رأسه من السجود بلا رفع يديه، (مكبرا) ندبا، (وسلم) وجوبا بعد القعود كالصلاة. ولا يشترط التشهد في الأصح، بل الأصح في زيادة الروضة أنه لا يستحب. وقيل: يتشهد أيضا. وقيل وهو المنصوص في البويطي: إنه لا يتشهد ولا يسلم كما لا يسلم منه في الصلاة ولا يستحب أن يقوم ثم يكبر على الأصوب في الروضة والأصح في المجموع لعدم ثبوت شئ فيه. (وتكبيرة الاحرام) مع النية، كما مر (شرط) فيها (على الصحيح) وفي الروضة الأصح. والمراد بالشرط هنا ما لا بد منه، لأن
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532