خالف بعضهم في ذلك. (لا بركعة) أي لا تحصل بها التحية، (على الصحيح) للحديث المار. (قلت: وكذا الجنازة وسجدة التلاوة، و) سجدة (الشكر) فلا تحصل التحية بشئ من ذلك على الصحيح للخبر السابق. والثاني: تحصل بواحدة من هذه الأربع لحصول الاكرام بها المقصود من الخبر. (وتتكرر) التحية، أي طلبها، (بتكرر الدخول على قرب في الأصح والله أعلم) لوجود المقتضى كالبعد. والثانية: لا، للمشقة. وتفوت بجلوسه قبل فعلها وإن قصر الفصل إلا إن جلس سهوا وقصر الفصل كما جزم به في التحقيق. وتفوت بطول الوقوف كما أفتى به شيخي. ولو أحرم بها قائما ثم أراد القعود لا تمامها فالقياس عدم المنع، وكذا لو دخل زحفا فالقياس أنه مأمور بالتحية. أما إذا دخل المسجد الحرام فلا تسن له لأنه يبدأ بالطواف، وكذا لو دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة أو قرب إقامتها بحيث لو اشتغل بالتحية فاتته تكبيرة الاحرام، أو دخل بعد فراغ الخطيب من خطبة الجمعة أو وهو في آخرها، قاله الشيخ أبو محمد. وربما يدعى دخول هاتين الصورتين في قولهم: أو قرب إقامتها إلخ. أو دخل الخطيب المسجد وقد حانت الخطبة على الأصح من زوائد الروضة في باب الجمعة، وإن اعترضه في المهمات. أو دخل والإمام في مكتوبة، أو خاف فوت سنة راتبة كما في الرونق. ويكره أن يدخل المسجد بغير وضوء فإن دخل فليقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها تعدل ركعتين في الفضل.
وفي أذكار المصنف: قال بعض أصحابنا: من دخل المسجد فلم يتمكن من صلاة التحية لحدث أو شغل أو نحوه فيستحب له أن يقول أربع مرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، قال: ولا بأس به، زاد ابن الرفعة:
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فائدة: إنما استحب الاتيان بهذه الكلمات الأربع لأنها صلاة سائر الخليقة من غير الآدمي من الحيوانات والجمادات في قوله تعالى: * (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) * أي بهذه الأربع، وهي الكلمات الطيبات والباقيات الصالحات والقرض الحسن والذكر الكثير في قوله تعالى: * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) *، وفي قوله تعالى: * (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) *.
فرع: قال الأسنوي: التحيات أربع: تحية المسجد بالصلاة والبيت بالطواف والحرم بالاحرام ومنى بالرمي.
وزيد عليه: تحية عرفة بالوقوف، وتحية لقاء المسلم بالسلام. والخطبة بالنسبة إلى الخطيب يوم الجمعة كما مر، فتكون التحية هنا بالخطبة كما في المسجد الحرام بالطواف. (ويدخل وقت الرواتب) التي (قبل الفرض بدخول وقت الفرض، و) وقت التي (بعده) ولو وترا (بفعله، ويخرج النوعان) أي وقت الذي قبله والذي بعده (بخروج وقت الفرض) لأنهما تابعان له، ففعل القبلية بعده أداء، لكن الاختيار أن لا تؤخر عنه إلا لمن حضر والصلاة تقام أو نحوه مما سيأتي، وفعل البعدية قبله لا تنعقد وإن كانت الصلاة مقضية في أحد وجهين وهو المعتمد لأن القضاء يحكي الأداء. وقضية كلام المصنف أنه لا يشترط وقوع الراتبة قريبا من فعل الفريضة، وهو كذلك، وإن حكي عن الشامل خلافه. ويسن فعل السنن الراتبة في السفر سواء أقصر أم أتم، لكنها في الحضر آكد، وسيأتي في الشهادات أن من واظب على ترك الراتبة ردت شهادته.
(ولو فات النفل المؤقت) سنت الجماعة فيه كصلاة العيد أو لا كصلاة الضحى، (ندب قضاؤه في الأظهر) لحديث الصحيحين: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لأنه (ص) قضى ركعتي الفجر لما نام في الوادي عن صلاة الصبح إلى أن طلعت الشمس رواه أبو داود بإسناد صحيح، وفي مسلم نحوه، وقضى ركعتي سنة الظهر المتأخرة بعد العصر رواه الشيخان، ولأنها صلاة مؤقتة فقضيت كالفرائض، وسواء السفر والحضر كما صرح به ابن المقري والثاني: لا يقضي لغير المؤقت. والثالث: إن لم يتبع غيره كالضحى قضى لشبهه بالفرض في الاستقلال وإن تبع غيره كالرواتب فلا.