رافعان، بل هو منسوب إلى جد من أجداده، وربما يقال: ان من حفظ حجة على من لم يحفظ. وقال الشارح منسوب إلى رافع بن خديج الصحابي كما وجد بخطه فيما حكى (رحمه الله تعالى) ورضى عنه (ذي التحقيقات) الكثيرة في العلم والتدقيقات الغزيرة في الدين: ذي الخاطر العاطر، والفهم الثاقب والمفاخر والمناقب، كان من بيت علم: أبوه وجده وجدته. قيل إنها تفتى النساء. توفى سنة ثلاث أو أربع وعشرين وستمائة، وهو ابن ست وستين سنة، وكان إذا خرج من المسجد أضاءت له الكروم. حكى ان شجرة أضاءت له لما فقد وقت التصنيف ما يسرحه عليه. ومن اشعاره رضي الله عنه ورحمه وعفا عنه:
أقيما على باب الكريم أقيما * * ولا تنيا في ذكره فتهيما هو الرب من يقرع على الصدقة بابه * * يجده رؤوفا بالعباد رحيما فإن قيل ليس فيما ذكره المصنف كبير مدح لأن ذلك تحقيقة: وهي المرة من التحقيق وهو جمع وسلامة وهو للقلة عند سيبويه ولو اتى بجمع كثرة لكان انسب. وأجيب بما تقدم في الاعداد من أن جمع القلة المحلى بالألف واللام يفيد العموم.
(فائدة) من كلام سيدي أبى المواهب يعرف منها الفرق بين التحقيق والتدقيق. قال: اثبات المسألة بدليلها تحقيق واثباتها بدليل آخر تدقيق، والتعبير عنها بفائق العبارة الحلوة برقيق، وبمراعاة علم المعاني والبديع في تركيبها تنميق، والسلامة فيها من اعترض الشرع توفيق (وهو) أي المحرر (كثير الفوائد) جمع فائدة، وهي ما استفيد من علم أو مال، وحق له ان يصفه بذلك فإنه بحر لا يدرك قعره ولا ينزف غمره (عمدة) أي يعتمد عليه (في تحقيق المذهب) أي ما ذهب إليه الشافعي وأصحابه من الأحكام في المسائل مجازا عن مكان الذهاب (معتمد للمفتي) أي يعتمد عليه ويرجع عند الحاجة إليه والمفتى وارث الأنبياء وموضح الدلالة والمبين بجوابه حرام الشرع وحلاله، ويكفيه هذا الوصف تعظيما له وجلالة (وغيره) أي المفتى ممن يصنف أو يدرس (من أولى) أي أصحاب (الرغبات) بفتح الغين جمع رغبة بسكونها. قال تعالى " ويدعوننا رغبا ورهبا " تقول: رغبت عن الشئ بركته، ورغبت فيه أردته، وهذا من المصنف رحمه الله تعالى دليل على أنصافه في العلم. قال قال صلى الله عليه وسلم " إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل ". وقال ابن عبد البر: من بركة العلم وآدابه الانصاف وقال مالك: ما في زماننا أقل من الانصاف. قال الدميري هذا في زمان مالك فكيف بهذا الزمان: أي وما بعده الذي هلك فيه كل هالك (وقد التزم مصنفه رحمه الله ان ينص) في مسائل الخلاف (على ما صححه) فيها (معظم) أي أكثر (الأصحاب) لأن نقل المذهب من باب الرواية فيرجح بالكثرة: قاله تلميذ المصنف ابن العطار: ولكن إنما يرجع إلى قول الأكثر إذا لم يظهر دليل بخلافه، لأن العدة تقضى بان الخطأ إلى القليل أقرب (ووفى) بالتخفيف والتشديد (بما التزمه) حسبما اطلع عليه فلا ينافي ذلك استدراكه عليه التصحيح في بعض المواضع الآتية، لكن قال السبكي: ان من فهم عن الرافعي انه لا ينص الا ما عليه المعظم فقد أخطأ فهمه فإنه إنما قال في خطبة المحرر انه ناص على ما رجحه المعظم من الوجوه والأقاويل ولم يقل انه لا ينص الا على ذلك، وكيف وقد صرح في مواضع كثيرة بخلاف قولهم كقوله: إن موضع التحذيف من الوجه، وإن الجلوس بين السجدتين ركن قصير، ومنع النظر إلى وجه الحرة. كفيها، والأكثرون على خلاف ذلك. ثم إنه قد يجزم في المحرر بشئ وهو بحث للإمام وغيره كما سيأتي في الجمعة في انصراف المعذور إذا حضر الجامع وفي الزكاة في العلف المؤثر، بل الكتب التي لم يقف عليها مشحونة بما لا يحصيه الا الله، من النصوص والمسائل التي لم يذكرها، وقد ذكر ابن الرفعة من ذلك ما يقتضى للناظر العجب من كثرته (وهو) أي ما التزمه (من أهم أو) هو (أهم المطلوبات) لطالب الفقه من الوقوف على المصحح من الخلاف في مسائله وكان قائلا يقول للمصنف لما كان المحرر بهذا الوصف فلأي شئ تختصره فاعتذر عن ذلك بقوله (لكن في حجمه) أي المحرر (كير (وحجم الشئ ملمسه الناتئ