غلط فيه من الأحكام وما صحح فيه خلاف الأصح عند الجمهور وما أخل به من الفروع المحتاج إليها ونحو ذلك، نبه على ذلك في الدقائق، ولم يقل انه شرح للمحرر لخلوه عن الدليل والتعليل (فانى لا أحذف) بالذال المعجمة: أي لا أسقط (منه شيئا من الأحكام أصلا ولا من الخلاف ولو كان) أي الخلاف (واهيا) أي ضعيفا جدا مجازا عن الساقط. فإن قيل قد حذف من المحرر أشياء: منها انه بين في الحرر مجلس الخلع ولم يبينه هنا، ومنها انه حذف التفريع على القديم في ضمان ما سيجب وذكره في المحرر وغير ذلك. أجيب بان المراد الأصول فلا ينافي حذف المفرعات أو ان ذلك بحسب الطاقة وهذا أولى كما مر (مع ما) بفتح العين وسكونها: أي أبى بجميع ما اشتمل عليه مصحوبا بما (أشرت اله من النفائس) المتقدمة (وقد شرعت) مع المشروع في هذا المختصر (في جمع جزء لطيف على صورة الشرح لدقائق هذا المختصر) من حيث الاختصار لأن المقصود منه هو بيان دقائق المنهاج من هذه الحيثية ولم يبين المصنف في خطبة الكتاب تسميته على خلاف المعروف من عادة المصنفين ولكنه سماه بالمنهاج في موضع الترجمة المعتادة التي تكتب على ظهر الخطبة. والمنهاج والمنهج والنهج بنون مفتوحة ثم هاء ساكنة هو الطريق الواضح: قاله الجوهري (ومقصودي به التنبيه على الحكمة في العدول عن عبارة المحرر) لأي شئ عدل عنها (وفي الحاق قيد أو حرف) أي كلمة فهو من باب اطلاق الجزء على الكل (أو شرط المسألة ونحو ذلك) مما بينه (أكثر ذلك من الضروريات التي لا بد منها) فيخل خلوها بالمقصود، ومنها ما ليس بضروري ولكنه حسن كما قاله في زيادة لفظة الطلاق في قوله في الحيض فإذا انقطع لم يحل قبل الغسل غير الصوم والطلاق، فإن الطلاق لم يذكر قبل المحرمات (وعلى الله الكريم اعتمادي) في جميع أموري، ومنها اتمام هذا المختصر بان يقدرني على اتمامه كما أقدرني على ابتدائه. قال الشارح تما تقدم على وضع الخطبة أشار بذلك إلى أن المصنف صنف بعض المنهاج قبل خطبة كما يفهم مما مر أو إلى توفر الآلات مع التهئ فإنه كريم جواد لا يرد من سأله واعتمد عليه وفي الحديث " ان الله كريم يحب مكارم الأخلاق " (واليه تفويضي) أي رد أموري لأن التفويض رد الامر إلى الله تعالى والبراءة من الحول والقوة الا به (واستنادي) في ذلك وغيره فإنه لا يخيب من قصده واستند إليه ثم قدر وقوع المطلوب برجاء الإجابة فقال (واساله النفع) وهو ضد الضر (به) أي المختصر في الدنيا والآخرة (لي) بتأليفه (ولسائر) أي باقي (المسلمين) ويطلق سائر أيضا على الجميع ولم يذكر الجوهري غيره بان يلهمهم الاعتناء به بعضهم بالاشتغال به ككتابه وقراءة وتفهم وشرح وبعضهم بغير ذلك كالإعانة عليه بوقف أو غير ذلك ونفعهم يستتبع نفعه أيضا لأنه سبب فيه (ورضوانه عنى) الرضا والرضوان ضد السخط (وعن أحبائي) بالتشديد والهمز جمع حبيب: أي من أحبهم (جميع المؤمنين) من عطف العام على بعض افراده تكرر به الدعاء لذلك البعض الذي منه المصنف رحمه الله تعالى وغاير بين الاسلام والايمان فكل ايمان اسلام ولا ينعكس وكل مؤمن مسلم ولا ينعكس، قيل الايمان والاسلام في حكم الشرع واحد وفي المعنى والاشتقاق مختلفان وبالجملة فلا يصح ايمان بغير اسلام ولا اسلام بغير ايمان فكل واحد منهما شرط في الاخر على الأول وشطر على الثاني، وسؤال المصنف ان ينفع الله تعالى بكتابه مما يرغب فيه لأنه مجيب الدعوة وقد حقق الله تعالى له ذلك وجعله عمدة في المذهب، وإذ انتهى الكلام بحمد الله على ما قصدناه من ألفاظ الخطبة فنذكر طرفا من اخبار المصنف تبركا قبل الشروع في القصود فنقول: هو الحبر الإمام قطب دائرة العلماء الأعلام الشيخ: يحيى الدين أبو زكريا بن شرف الحزامي بحاء مهملة مكسورة بعدها زاي معجمة النواوي ثم الدمشقي محرر المذهب ومهذبه ومحققه ومرتبه المتفق على أمانته وديانته وورعه
(١٥)