ولهذا دعى به النبي صلى الله عليه وسلم في أشرف الموطن كما لحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب - سبحان الذي اسرى بعبده " والرسول أخص من النبي، فإنه انسان أوحى إليه بشرع للعمل والتبليغ، والنبي فقط انسان أوحى إليه بشرع للعمل، خاصة، فالأول نبي ورسول فكل رسول نبي ولا عكس (المصطفى) اسم مفعول من الصفوة وهو الخلوص. روى مسلم عن واثلة بن الأسقع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " ان الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم " (المختار) اسم مفعول أصله مختير، اختاره الله تعالى على سائر خلقه ليدعوهم إلى دين الاسلام ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " انا سيد ولد آدم ولا فخر " وحذف المصنف رحمه الله تعالى المفضل ايذانا منه بأنه أفضل المخلوقات من أنس وجن وملك وهو كذلك لأن حذف المعمول يؤذن بالعموم وقرن الثناء على الله بالثناء على نبيه (صلى الله عليه وسلم) لقوله تعالى " ورفعنا لك ذكرك " أي، لا أذكر وتذكر معي، كما في صحيح ابن حبان، ولقول الشافعي رضي الله عنه أحب ان يقدم المرء بين يدي خطبته: أي بكسر الخاء وكل أمر طلبه غيرها حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وجمع بين الصلاة والسلام عليه خروجا من الكراهة إذ يكره افراد الصلاة عن السلام كما قاله في الأذكار: أي وكذا عكسه. والصلاة من الله رحمة مقرونة بتعظيم، ومن الملائكة إذ يكره استغفار ومن الآدميين أي ومن الجن تضرع ودعاء، قاله الأزهري وغيره. واختلف في وقت وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال: أحدها كل صلاة، واختاره الشافعي في التشهد الأخير منها. والثاني في العمر مرة. والثالث كلما ذكر. واختاره الحليمي من الشافعية، والطحاوي من الحنفية، واللخمي من المالكية، وابن بطة من الحنابلة. الرابع في كل مجلس. والخامس في الأول كل دعاء وآخره لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تجعلوني " كقدح (1) الراكب اجعلوني في أول كل دعاء وفي وسطه وفي آخره " رواه الطبراني عن جابر (وزاده فضلا وشرعا لديه) أي عنده. والفضل: ضد النقض. والشرف: العلو. فإن قيل كيف تطلب له زيادة وهو صلى الله عليه وسلم في غاية الكمال كما فيه:
وأحسن منك لم بر قط عيني * * وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرأ من كل عتب * * كأنك قد خلقت كما تشاء أجيب بان قدرة الله تعالى شاملة لكل ممكن فيرقى الكامل من رتبة عليه فهو ابدا في علو.
(فائدة): استنبط بعض العلماء من محمد ثلاثمائة وأربعة عشر رسولا فقال فيه ثلاث ميمات وإذا بسطت كلا منها قلت فيه م ى م وعدتها بحساب الجمل الكبير تسعون فيحصل منها مائتان وسبعون، وإذا بسطت الحاء والدال قلت: دال بخمسة وثلاثين، وحاء بتسعة، فالجملة ما ذكر، والسم واحد، فتم عدد الرسل كما قيل إنهم ثلاثمائة وخمسة عشر، وأولو العزم منهم خمسة كما قيل فيهم: محمد إبراهيم موسى كليمه * * فعيسى فنوح هم أولو العزم فاعلم (اما بعد) أي بعد ما ذكر من الحمد والتشهد والصلاة، وهذه الكلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر ولا يجوز الاتيان بها في أول الكلام، ويستحب الاتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد عقد البخاري لها بابا في كتاب الجمعة وذكر فيه أحاديث كثيرة. وفي المبتدى بها أقول: أحدها داود صلى الله عليه وسلم وانها فصل الخطاب المشار إليه في الآية. والثاني فس بن ساعدة. والثالث كعب بن لؤي. والرابع يعرب بن قحطان.
والخامس سحبان بن وائل. ولذلك قال: لقد علم اليمانون انني * * إذا قلت اما بعد أنى خطيبها والمشهور بناء بعد هنا على الضم فإن لها أربع حالات: إحداها أن تكون مضافة فتعرب إما نصبا على الظرفية أو خفضا بمن. ثالثها: ان يحذف المضاف إليه وينوى ثبوت لفظه فتعرب الاعراب المذكور ولا تنون لنية الإضافة. ثالثها: ان