بن عدنان. والاجماع منعقد على هذا النسب إلى عدنان، وليس فيما بعده إلى آدم طريق صحيح فيما ينقل. وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا انتهى في النسب إلى عدنان أمسك، ثم يقول كذب النسابون " أي بعده. قال تعالى " وقرونا بين ذلك كثيرا ". ولد رضى الله تعالى عنه على الأصح بغزة، التي توفى فيها هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل بعسقلان. وقيل بمنى سنة خمسين ومائة، ثم حمل إلى مكة وهو ابن سنتين ونشأ بها، وحفظ وحفظ القران وهو ابن سبع سنين، والموطأ وهو ابن عشر، وتفقه على مسلم بن خالد مفتى مكة المعروف بالزنجي لشدة شقرته، فهو من باب أسماء الأضداد، واذن له في الافتاء وهو ابن خمس عشرة سنة مع أنه نشأ يتيما في حجر أمه في قلة من العيش وضيق حال، وكان في صباه يجالس العلماء، ويكتب ما يستفيده في العظام ونحوها حتى ملا منها خبايا، ثم رحل إلى مالك بالمدينة ولازمه مدة، ثم قدم بغداد سنة خمس وتسعين ومائة فأقام بها سنتين واجتمع عليه علماؤها ورجع كثير منهم عن مذاهب كانوا عليها إلى مذهبه وصنف بها كتابه القديم، ثم عاد إلى مكة فأقام بها مدة ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين فأقام بها شهرا، ثم خرج إلى مصر فلم يزل بها ناشرا للعلم ملازما للاشتغال بجامعها العتيق إلى أن اصابته ضربة شديدة فمرض بسببها أياما على ما قيل، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى، وهو قطب الوجود يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين، ودفن بالقرافة بعد العصر من يومه، وانتشر علمه في جميع الآفاق، وتقدم على الأئمة في الخلاف والوفاق، فإنه أول من تكلم في أصول الفقه، وأول من قرر ناسخ الأحاديث ومنسوخها، وأول من صنف في أبواب كثيرة من الفقه معروفة، وعليه حمل الحديث المشهور " عالم قريش يملأ الأرض علما ". قال للربيع أنت راوية كتبي فعاش بعده قريبا من سبعين سنة حتى صارت الرواحل تشد إليه من أقطار الأرض لسماع كتب الشافعي، ومع هذا قال: وددت ان لو اخذ عنى هذا العلم من غير أن ينسب إلى منه شئ. وكان رضي الله عنه مجاب الدعوة لا تعرف له كبيرة ولا صغيرة رضى الله تعالى عنه:
أمت مطامعي فأرحت نفسي * * فإن النفس ما طمعت تهون وأحييت القنوع وكان ميتا * * ففي احيائه عرضى مصون إذا طمع يحل بقلب عبد * * علته أنت جميع امرك وإذا قصدت لحاجة * * فاقصد لمعترف بقدرك وقد أفرد بعض أصحابه في فضله وكرمه ونسبه واشعاره كتبا مشهورة، وفيما ذكرناه تذكرة لأولي الألباب، ولولا خوف الملل لشحنت كتابي هذا منها بأبواب. (حيث أقول الجديد فالقديم خلافه أو القديم أو في قول قديم فالجديد خلافه) الجديد ما قاله الشافعي بمصر تصنيفا أو إفتاء، ورواته البويطي والمزني والربيع المرادي وحرملة ويونس بن عبد الأعلى وعبد الله بن الزبير الملكي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم الذي انتقل أخيرا إلى مذهب أبيه وهو مذهب مالك، وغير هؤلاء، والثلاثة الأول هم الذين تصدوا لذلك وقاموا به، والباقون نقلت عنهم أشياء محصورة على تفاوت بينهم والقديم ما قاله بالعراق تصنيفا: وهو الحجة أو أفتى به، ورواة جماعة أشهرهم: الإمام أحمد بن حنبل والزعفراني والكرابيسي وأبو ثور. وقد رجع الشافعي عنه وقال: لا اجعل في حل من رواه عنى. وقال الإمام لا يحل عد القديم من المذهب وقال الماوردي في أثناء كتاب الصداق غير الشافعي جميع كتبه القديمة في الجديد الا الصداق فإنه ضرب على مواضع منه وزاد مواضع. واما ما وجد بين مصر والعراق، فالتأخر جديد، والمتقدم قديم، وإذا كان في المسألة قولان: قديم وجديد فالجديد هو المعمول به الا في مسائل يسيرة نحو السبعة عشر أفتى فيها بالقديم. قال بعضهم: وقد تتبع ما أفتى فيه بالقديم فوجد منصوصا عليه في الجديد أيضا، وإن كان فيها قولان جديدان فالعمل بآخرهما، فإن لم يعلم فبما رجحه الشافعي، فإن قالهما في وقت واحد ثم عمل بأحدهما كان ابطالا للاخر عند المازني، وقال غيره: لا يكون ابطالا بل ترجيحا وهذا