القريحة، واستواء الطبيعة: أي خلوها من الميل إلى غير ذلك. والتفقه اخذ الفقه شيئا فشيئا. وهو لغة الفهم، واصطلاحا العلم بالأحكام الشرعية العلمية المكتسب من أدلتها التفصيلية. موضوعه أفعال المكلفين من حيث عروض الأحكام لها.
واستمداده من الكتاب والسنة والاجماع والقياس وسائر الأدلة المعروفة. وفائدته امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه المحصلان للفوائد الدنيوية والأخروية (أحمده) سبحانه وتعالى على ما أنعم به وتفضل (أبلغ حمد) أنهاه (وأكمله) أتمه (وأزكاه) إنما (واشمله) أعمه. فإن قيل كيف يتصور ان يصدر منه عموم الحمد مع أن بعض المحمود عليه وهو النعم لا يتصور حصرها كما مر. أجيب بان المراد ان ينسب عموم المحامد إليه تعالى على جهة الاجمال بان تعترف مثلا باشتماله تعالى على جميع صفات الكمال، ولا شك ان هذا ينطبق عليه حد الحمد المذكور وهو أبلغ من حمده الأول لأنه حمد بجميع الصفات برعاية الأبلغية وذاك بواحدة منها وهي المالكية وإن لم تراع الأبلغية بان يراد الثناء ببعض الصفات فذاك البعض أعم من هذه الواحدة لصدقه بها وبغيرها الكثير، فالثناء بهذا أبلغ في الجملة أيضا، نعم الثناء بالأول من حيث تفصيله.
أي تعينه أوقع في النفس من هذا. فإن قيل كيف يكون أبلغ مع أن الأول افتتح به الكتاب العزيز. أجيب بان الحمد فيه لمقام التعليم والتعيين له أولى (واشهد) أي اعلم وأبين (ان لا آله) أي لا معبود بحق في الوجود (الا الله ) الواجب الوجود روى الترمذي باسناد صحيح عن إلى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل خطبة ليس فيها تشهد كاليد الجذماء " أي المقطوعة البركة. وقال صلى الله عليه وسلم " مفتاح الجنة لا آله الا الله ". وفي البخاري " وقيل لوهب: أليس مفتاح الجنة لا آله الا الله؟ قال بلى ولكن ليس مفتاح الا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ولا لم يفتح لك " أي مع السابقين، فإن من مات مسلما لا بد من دخوله الجنة، وذكر لابن عباس قول وهب فقال: صدق وانا أخبركم عن الأسنان ما هي فذكر الصلاة والزكاة وشرائع الاسلام (الواحد) أي الذي لا تعدد له فلا ينقسم بوجه ولا نظير له فلا مشابهة بينه وبين غيره بوجه (الغفار) اسم مبالغة من الغفر: وهو الستر: أي الستار لذنوب من أراد من عباده المؤمنين فلا يظهرها بالعقاب عليها، ولم يقل بدل الغفار القهار استبشارا وترجيا، ولان معنى القهر مأخوذ مما قبله إذ من شان الواحد في ملكه القهر.
(فائدة) قال الدميري: في كلمة لا آله الا الله اسرار: منها ان جميع حروفها جوفية ليس فيها حرف شفهي إشارة إلى الاتيان بها من خالص الجوف وهر القلب: أي ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا آله الا الله خالصا مخلصا من قلبه ". ومنها انه ليس فيها حرف معجم إشارة إلى التجرد من كل معبود سواه: أي ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " اتاني جبريل فبشرني ان من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت وان زنى وان سرق؟ قال وان زنى وان سرق ". ومنها انها اثنا عشر حرفا كشهور السنة منها أربعة حرم: وهي الجلالة حرف فرد وثلاثة سرد وهي أفضل كلماتها كما أن الحرم أفضل السنة، فمن قالها مخلصا كفرت عنه ذنوب سنة: أي كما روى عن بعض السلف. ومنها ان الليل والنهار أربعة وعشرون ساعة وهي ومحمد رسول الله أربعة وعشرون حرفا كل حرف منها يكفر ذنوب ساعة. (اشهد) أي واعلم وأبين (ان محمدا عبده ورسوله) ثبت هذا اللفظ في صحيح مسلم في التشهد، ومحمد علم على نبينا صلى الله عليه وسلم منقول من اسم مفعول المضعف سمى به بالهام من الله تعالى بأنه يكثر حمد الخلق له محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ قال رجوت ان يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه كما سبق في علمه.
قال ابن العربي لله تعالى الف اسم ولنبيه صلى الله وسلم كذلك، ووصف بالعبودية لأنه ليس للمؤمن صفة أتم ولا أشرف من العبودية كما قاله أبو علي الدقاق، قيل:
لا تدعني الا بيا عبدها * فإنه أشرف أسمائي