مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥١١
والأفضل أن يقصد مصلى النبي (ص) بأن يمشي بعد دخوله الباب حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريبا من ثلاثة أذرع، وأن يدعو في جوانبه، ثم يدعو عند الملتزم، وهو بضم الميم وفتح الزاي، سمي به لأنهم يلتزمونه بالدعاء، ويسمى المدعى والمتعوذ. قال في المجموع: قال القاضي أبو الطيب: قال الشافعي: يسن لمن فرغ من طواف الوداع أن يأتي الملتزم فيلصق بدنه وصدره بحائط البيت ويبسط يديه على الجدار فيجعل اليمنى مما يلي الباب واليسرى مما يلي الحجر الأسود ويدعو بما أحب من المأثور وغيره، لكن المأثور أفضل. ومن المأثور ما في التنبيه وهو: اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى صيرتني في بلادك، وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فمن الآن قبل تنأى عن بيتك داري ويبعد عنه مزاري، هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا بيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني العمل بطاعتك ما أبقيتني وما زاد فحسن، وقد زيد فيه: واجمع لي خيري الدنيا والآخرة إنك قادر على ذلك ولفظ فمن الآن يجوز فيه ضم الميم وتشديد النون وهو الأجود، وكسر الميم وتخفيف النون مع فتحها وكسرها، قاله في المجموع. ثم يصلي على النبي (ص). فإن كانت حائضا أو نفساء استحب أن تأتي بجميع ذلك على باب المسجد وتمضي. ويسن الاكثار من الاعتمار والطواف تطوعا، والصلاة أفضل من الطواف، وأن يزور المواضع المشهورة بالفضل بمكة، وهي ثمانية عشر، منها: بيت المولد، وبيت خديجة، ومسجد دار الأرقم، والغار الذي في ثور والذي في حراء، وقد أوضحها المصنف في مناسكه. وأن يكثر النظر إلى البيت إيمانا واحتسابا، لما روى الأزرقي عن ابن المسيب قال: من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه. وروى البيهقي في شعب الايمان: أن لله تعالى في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة تنزل على هذا البيت: ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وأن يكثر من الصدقة وأنواع البر والقربات، فإن الحسنة هناك بمائة ألف حسنة.
قال الحسن البصري رضي الله تعالى عنه: الدعاء يستجاب في خمسة عشر موضعا بمكة: في الطواف، والملتزم، وتحت الميزاب، وفي البيت، وعند زمزم، وعلى الصفا والمروة، وفي السعي، وخلف المقام، وفي عرفات ومزدلفة ومنى، وعند الجمرات الثلاث. ( ويسن شرب ماء زمزم) لأنها مباركة طعام طعم وشفاء سقم. قال في المجموع: رواه مسلم، وقيل: شفاء سقم لم يروها مسلم، وإنما رواها أبو داود الطيالسي، نبه على ذلك الأسنوي. ويسن أن يشربه لمطلوبه في الدنيا والآخرة لحديث: ماء زمزم لما شرب له رواه البيهقي وغيره، وصححه المنذري، وضعفه المصنف، وحسنه ابن حجر لوروده من طرق عن جابر.
ويسن استقبال القبلة عند شربه، وأن يتضلع منه لما روى البيهقي من طرق أن النبي (ص) قال: آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم. وقد شربه جماعة من العلماء فنالوا مطلوبهم. ويسن أن يقول عند شربه: اللهم إنه قد بلغني عن نبيك محمد (ص) أنه قال: ماء زمزم لما شرب له وأنا أشربه لكذا، ويذكر ما يريد دينا ودنيا:
اللهم فافعل، ثم يسمي الله تعالى، ويشرب ويتنفس ثلاثا. وكان ابن عباس إذا شربه يقول: اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء، وقال الحاكم صحيح الاسناد. ويسن الدخول إلى البئر والنظر فيها، وأن ينزع منها بالدلو الذي عليها ويشرب. قال الماوردي: ويسن أن ينضح منه على رأسه ووجهه وصدره، وأن يتزود من مائها ويستصحب منه ما أمكنه، ففي البيهقي أن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تحمله وتخبر أن رسول الله (ص) كان يحمله في القرب، وكان يصبه على المرضى ويسقيهم منه. ويسن الشرب من نبيذ سقاية العباس ما لم يسكر، والاكثار من دخول الحجر والصلاة فيه والدعاء، فإن أكثره من البيت كما مر. ويسن أن يختم القرآن بمكة، وأن ينصرف تلقاء وجهه مستدبر البيت كما صححه المصنف في مناسكه وصوبه في مجموعه، وقيل: يخرج وهو ينظر إليه إلى أن يغيب عنه مبالغة في تعظيمه، وجرى على ذلك صاحب التنبيه، وقيل: يلتفت إليه بوجهه ما أمكنه
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532