مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٢٢
القصر والاتمام، وهو تخيير بين الشئ وبعضه. ولو انسل منه شعرة وشك هل سله المشط بعد انتتافه أو نتفه فلا فدية، لأن النتف لم يتحقق والأصل براءة الذمة. ويكره كما في المجموع أن يمتشط وأن يفلي رأسه ولحيته وأن يحك شعره لا جسده بأظفاره لا بأنامله. (وللمعذور) في الحلق لايذاء قمل أو وسخ أو حر أو جراحة أو نحو ذلك، (أن يحلق ويفدي) لقوله تعالى: * (فمن كان منكم مريضا) * الآية. وفي الصحيحين عن كعب بن عجرة قال: في أنزلت هذه الآية، أتيت رسول الله (ص) فقال: ادن فدنوت، فقال: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال ابن عوف: وأظنه قال نعم، قال: فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك.
تنبيه: قال الأسنوي: وكذا تلزمه الفدية في كل محرم أبيح للحاجة إلا لبس السراويل والخفين المقطوعين كما مر، لأن ستر العورة وقاية الرجل عن النجاسة مأمور بهما فخفف فيهما. والحصر فيما قاله قال شيخنا ممنوع أو مؤول، فقد استثني صور لا فدية فيها، منها ما إذا أزال ما نبت من الشعر في عينه وتأذى به، ومنها ما إذا أزال قدر ما يغطيها من شعر رأسه وحاجبيه إذا طال بحيث ستر بصره، ومنها ما لو انكسر ظفره فقطع المؤذي منه فقط. ويأثم الحالق بلا عذر لارتكابه محرما. ولو حلق شخص رأس محرم وهو قادر على منعه، أو أحرقت نار شعره وهو قادر على دفعها، لزمته الفدية لتفريطه فيما عليه حفظه. ولو أذن له في الحلق كان الحكم كذلك لإضافة الفعل إليه. فإن قيل: المباشرة مقدمة على الامر، فلم قدم عليها؟ أجيب بأن محل ذلك ما إذا لم يعد نفعه على الآمر، بخلاف ما إذا عاد، كما لو غصب شاة فأمر قصابا بذبحها لم يضمنها إلا الغاصب. فإن حلق بلا إذن منه وليس قادرا على منعه أو كان نائما أو نحو ذلك كانت الفدية على الحالق ولو حلالا لأنه المقصر، وللمحلوق مطالبته بها لأنها وجبت بسببه، ولان نسكه يتم بأدائها، فكان له المطالبة بها.
ولو أخرجها المحلوق بغير إذن من الحالق لم تسقط عنه، بخلاف قضاء الدين، لأن الفدية شبيهة بالكفارة، فإن أذن له في إخراجها سقطت. ويجوز للمحرم حلق شعر الحلال، ولو أمر شخص آخر أن يحلق شعر محرم نائم أو نحوه فحلق فالفدية على الآمر إن جهل الحالق الحال أو كان أعجميا يعتقد طاعة آمره أو أكره على ذلك، وإلا فعلى الحالق. (الرابع) من المحرمات: (الجماع) بالاجماع ولو لبهيمة في قبل أو دبر. ويحرم على المرأة الحلال تمكين زوجها المحرم من الجماع، لأنه إعانة على معصية. ويحرم على الحلال جماع زوجته المحرمة. وقد يفهم كلامه إن غير الجماع لا يحرم، وليس مرادا، بل تحرم المباشرة فيما دون الفرج بشهوة قبل التحللين وعليه دم، وكذا الاستمناء باليد، ويجب عليه الدم إن أنزل. لكن يسقط عنه الدم في الصورتين إن جامع بعد ذلك لدخوله في بدنة الجماع. (وتفسد به العمرة) المفردة قبل الفراغ منها، أما غير المفردة فهي تابعة للحج صحة وفسادا. (وكذا) يفسد (الحج) بالجماع المذكور (قبل التحلل الأول) قبل الوقوف بإجماع وبعده خلافا. لأبي حنيفة لأنه وطئ صادف إحراما صحيحا لم يحصل فيه التحلل الأول، فأشبه ما قبل الوقوف، ولو كان المجامع في العمرة أو الحج رقيقا أو صبيا مميزا للنهي عنه في الحج لقوله تعالى: * (فلا رفث) * أي لا ترفثوا، فلفظه خبر ومعناه النهي، إذ لو بقي على الخبر امتنع وقوعه في الحج لأن أخبار الله تعالى صدق قطعا مع أن ذلك وقع كثيرا، والأصل في النهي اقتضاء الفساد، وقاسوا العمرة على الحج. أما غير المميز من صبي أو مجنون فلا يفسد ذلك بجماعه، وكذا الناسي والجاهل والمكره.
تنبيه: قوله قبل التحلل الأول قيد في الحج خاصة كما تقرر، لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد كما مر. واحترز به عما إذا وقع الجماع بعده، فإن الحج لا يفسد به وكذا العمرة التابعة له كما تقدم، وقيل: تفسد، وكلام المصنف يفهمه.
ولو أحرم مجامعا لم ينعقد إحرامه على الأصح في زوائد الروضة، ولو أحرم حال النزع صح في أحد أوجه يظهر ترجيحه لأن النزع ليس بجماع. (ويجب به) أي الجماع المفسد لحج أو عمرة على الرجل، (بدنة) بصفة الأضحية، لقضاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم بذلك. وخرج بالجماع المفسد مسألتان: إحداهما أن يجامع في الحج بين التحللين، الثانية: أن يجامع
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532