مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٨٤
بالسلام فقد سلم. (فحينا ربنا بالسلام) أي سلمنا بتحيتك من جميع الآفات، وذلك لما رواه البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه، قال في المجموع: بإسناد ليس بقوي. ويسن أن يدعو بما أحب من المهمات وأهمها المغفرة، (ثم يدخل) عقب ذلك (المسجد) الحرام (من باب بني شيبة) أحد أبواب المسجد، وإن لم يكن بطريقه للاتباع، رواه البيهقي بإسناد صحيح. والمعنى فيه: أن باب الكعبة والحجر الأسود في جهة ذلك الباب، وهي أشرف الجهات الأربع كما قاله ابن عبد السلام في قواعده. وشيبة اسم رجل مفتاح الكعبة في يد ولده، وهو ابن عثمان بن طلحة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الدخول من هذا الباب إنما يسن لمن أتى من طريق المدينة، فإنه عطف على قوله:
ويدخلها من ثنية كداء وليس مرادا، بل قال الرافعي: أطبقوا على استحباب الدخول منه لكل قادم سواء أكان في طريقه أم لا، بخلاف الدخول من الثنية العليا، فإن فيه الخلاف المار. والفرق أن الدوران حول المسجد لا يشق بخلافه حول البلد. ويسن أن يخرج من باب بني مخزوم إلى الصفا، وهو المسمى الآن بباب الصفا، ومن باب بني سهم إذا خرج إلى بلده، وهو المسمى اليوم بباب العمرة. (ويبتدئ) ندبا أول دخوله المسجد قبل تغيير ثيابه واكتراء منزله ونحوهما، (بطواف القدوم) للاتباع، رواه الشيخان. والمعنى فيه أن الطواف تحية البيت لا المسجد فلذلك يبدأ به، ويستثنى منه ما لو خاف فوت مكتوبة أو سنة مؤكدة أو وجد جماعة قائمة أو تذكر فائتة مكتوبة، فإنه يقدم ذلك على الطواف كما في المجموع عن الأصحاب. ولو أقيمت الصلاة وهو في أثناء الطواف قطعه وصلى، لأن ما ذكر يفوت والطواف لا يفوت. ولو حضرت جنازة قطعه إن كان نفلا، نص عليه. وفي الكفاية عن الماوردي أن من له عذر يبدأ بإزالته.
ولو قدمت امرأة نهارا وهي ذات جمال أو شرف - وهي التي لا تبرز للرجال - سن لها أن تؤخره إلى الليل، وقيده بعضهم بما إذا أمنت الحيض الذي يطول زمنه، وهو كما قال ابن شهبة حسن. والخنثى كالأنثى كما قاله في المجموع. ولو دخل المسجد وقد منع الناس من الطواف صلى تحية المسجد كما جزم به في المجموع، وإنما قدم الطواف عليها فيما مر لأن القصد من إتيان المسجد البيت وتحيته الطواف، ولأنها تحصل بركعتيه غالبا. ولو أخر طواف القدوم ففي فواته وجهان حكاهما الامام، لأنه يشبه تحية المسجد، وقضيته أنه لا يفوت وهو كذلك، ومعلوم أنه لا يفوت بالجلوس في المسجد كما تفوت به تحية المسجد، نعم يفوت بالوقوف بعرفة لا بالخروج من مكة. (ويختص طواف القدوم) في المحرم (بحاج دخل مكة قبل الوقوف) مفردا كان أو قارنا، لأن الحاج بعد الوقوف والمعتمر قد دخل وقت طوافهما المفروض، فلا يصح قبل أدائه أن يتطوعا بطواف قياسا على أصل النسك، وبهذا فارق ما نحن فيه الصلاة حيث أمر بالتحية قبل العرض.
أما الحلال فيسن طواف القدوم له، وإن أوهمت عبارة المصنف خلافه. وكما يسمى طواف القدوم يسمى طواف القادم وطواف الورود والوارد والتحية.
فائدة: قال ابن أسباط: بين الركن والمقام وزمزم قبور تسعة وتسعين نبيا، وإن قبر هود وصالح وشعيب وإسماعيل في تلك البقعة.
تنبيه: قال الولي العراقي: اعترض على تعبير المصنف بأنه مقلوب، وصوابه: ويختص حاج دخل مكة قبل الوقوف بطواف القدوم فإن الباء تدخل على المقصور اه‍. لكن هذا أكثري لا كلي، فالتعبير بالصواب خطأ. (ومن قصد مكة) أو الحرم (لا لنسك، استحب) له (أن يحرم بحج) إن كان في أشهره ويمكنه إدراكه، (أو عمرة) قياسا على التحية، وهذا ما في المجموع عن الأكثرين وعن نص الشافعي في عامة كتبه. (وفي قول يجب) وهو منصوص الام وجعله في البيان الأشهر، وصححه جمع منهم المصنف في نكت التنبيه. ويدل للأول حديث المواقيت السابق: هن لهن ولمن أتى
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532