التفريق أصلا، وقول الغزالي: إنه لو نوى أياما معينة كسبعة أيام متفرقة أولها غدا أنه يتعين التفريق إنما يأتي على طريقته من أن النية تؤثر كاللفظ، وسيأتي أنها لا تؤثر على الأصح. (والصحيح) وعبر في الروضة بالمذهب، (أنه لا يجب التتابع بلا شرط) لكن يسن لأن لفظ الأسبوع مثلا يصدق على المتتابع والمتفرق فلا يجب أحدهما بخصوصه إلا بدليل، والثاني: يجب، كما لو حلف لا يكلم فلانا شهرا فإنه يكون متتابعا، وفرق الأول بأن المقصود من اليمين الهجران ولا يتحقق بدون التتابع، وقضية كلامه أنه إذا لم يشترط التتابع لا يجب، وإن نواه وهو الأصح كما قالاه تبعا للبغوي كأصل النذر، وإن اختار السبكي اللزوم وصوبه الأسنوي. فإن قيل: إنه إذا نوى اعتكاف الليالي المتخللة في هذه الأيام أنها تلزمه كما مر مع أن فيه وقتا زائدا فوجوب التتابع أولى لأنه مجرد وصف. أجيب بأن التتابع ليس من جنس الزمن المذكور بخلاف الليالي بالنسبة للأيام، ولا يلزم من إيجاب الجنس بنية التتابع إيجاب غيره بها، وحكم الأيام مع نذر الليالي كحكم الليالي مع نذر الأيام فيما مر. (و) الصحيح، وعبر في الروضة بالأصح، (أنه لو نذر يوما لم يجز تفريق ساعاته) من أيام، لأن المفهوم من لفظ اليوم أن يكون متصلا. قال الخليل: اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. والثاني: يجوز، تنزيلا للساعات من اليوم منزلة الأيام من الشهر. ومحل الخلاف ما لم يعين يوما، فإن عينه لم يجز التفريق قطعا. ولو دخل المسجد في أثناء النهار وقت الظهر مثلا، وخرج بعد الغروب ثم عاد قبل الفجر ومكث إلى مثل ذلك، الوقت فعلى الخلاف، فإن لم يخرج بالليل أجزأه عند الأكثرين لحصول التتابع بالبيتوتة في المسجد. وهذا هو المعتمد، وإن قال أبو إسحاق إنه لا يجزئ، وقال الشيخان: إنه الأوجه، لأنه لم يأت بيوم متواصل الساعات، والليلة ليست من اليوم. ولو نذر يوما أوله من أثناء يوم أوله وقت الظهر مثلا امتنع عليه الخروج ليلا باتفاق الأصحاب. واستشكلا منع خروجه ليلا بأن الليلة لم يلتزمها، قالا:
والقياس أن يجعل فائدة تقييده في هذه القطع بجواز التفريق لا غير. (و) الصحيح، وعبر في الروضة بالأصح، (إنه لو عين مدة كأسبوع) عينه (وتعرض للتتابع) فيها لفظا (وفاتته، لزمه التتابع في القضاء) به لالتزامه إياه، والثاني: لا يلزمه، لأن التتابع يقع ضرورة فلا أثر لتصريحه به. ولو لم يعين الأسبوع لم يتصور فيه فوات لأنه على التراخي. (وإن لم يتعرض له) أي التتابع (لم يلزمه في القضاء) جزما، لأن التتابع فيه لم يقع مقصودا، بل من ضرورة تعين الوقت، فأشبه التتابع في شهر رمضان. ولو نذر اعتكاف شهر مثلا دخلت لياليه لأنه عبارة عن الجميع إلا أن يستثنيها لفظا، أما لو استثناها بقلبه فإنه لم يؤثر كما لا يلزمه الاعتكاف بنيته. فإن قيل: إنه إذا نوى دخولها بقلبه أنه يؤثر كما مر. أجيب بأن في ذلك احتياطا للعبادة في الموضعين، وبأن الغرض من النية هناك ما قد يراد من اللفظ، وهذا إخراج ما شمله اللفظ. ولو نذر اعتكاف يوم معين ففاته فقضاه ليلا أجزأه، بخلاف اليوم المطلق، لقدرته على الوفاء بنذره بصفته الملتزمة بخلافه في المعين، كنظيره في الصلاة في القسمين، حكاه في المجموع عن المتولي وأقره. ولو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد فقدم ليلا فلا شئ عليه لعدم وجود الصفة، وقياس نظيره في الصوم ندب اعتكاف يوم شكرا لله كما قاله شيخنا. فإن قدم نهارا أجزأه البقية منه، ولا يلزمه قضاء ما مضى منه لأن الوجوب إنما ثبت من حين القدوم لصحة الاعتكاف في بعض اليوم بخلاف الصوم، لكن الأفضل أن يقضي يوما كاملا كما نقله في المجموع عن المزني، وهذا هو المعتمد كما جزم به ابن المقري، وإن صحح في المجموع في موضع آخر لزوم قضائه، وهو مقتضى كلام أصلي الروضة في باب النذر. ومحل ذلك إذا قدم حيا مختارا، فلو قدم به ميتا أو قدم مكرها فلا شئ عليه كما قاله الصيمري. فإن قيل: إذا قدم مكرها فقد حصل المقصود للناذر لأنه جعل اعتكافه شكرا لله على حضور غائبه عنده وقد وجد. أجيب بأنه علق الحكم بالقدوم، وقدوم المكره غير معتبر شرعا، ولو قال: لله علي أن أعتكف العشر الأخير دخلت لياليه حتى الليلة الأولى ويجزئه وإن نقص الشهر لأن هذا الاسم يقع على ما بعد العشرين إلى آخر الشهر، بخلاف قوله: عشرة أيام من آخر الشهر وكان ناقصا لا يجزئه، لأنه جرد القصد إليها، فيلزمه أن يعتكف بعده يوما. ويسن في هذه كما في المجموع أن يعتكف يوما قبل العشر لاحتمال