مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥٦
التفريق أصلا، وقول الغزالي: إنه لو نوى أياما معينة كسبعة أيام متفرقة أولها غدا أنه يتعين التفريق إنما يأتي على طريقته من أن النية تؤثر كاللفظ، وسيأتي أنها لا تؤثر على الأصح. (والصحيح) وعبر في الروضة بالمذهب، (أنه لا يجب التتابع بلا شرط) لكن يسن لأن لفظ الأسبوع مثلا يصدق على المتتابع والمتفرق فلا يجب أحدهما بخصوصه إلا بدليل، والثاني: يجب، كما لو حلف لا يكلم فلانا شهرا فإنه يكون متتابعا، وفرق الأول بأن المقصود من اليمين الهجران ولا يتحقق بدون التتابع، وقضية كلامه أنه إذا لم يشترط التتابع لا يجب، وإن نواه وهو الأصح كما قالاه تبعا للبغوي كأصل النذر، وإن اختار السبكي اللزوم وصوبه الأسنوي. فإن قيل: إنه إذا نوى اعتكاف الليالي المتخللة في هذه الأيام أنها تلزمه كما مر مع أن فيه وقتا زائدا فوجوب التتابع أولى لأنه مجرد وصف. أجيب بأن التتابع ليس من جنس الزمن المذكور بخلاف الليالي بالنسبة للأيام، ولا يلزم من إيجاب الجنس بنية التتابع إيجاب غيره بها، وحكم الأيام مع نذر الليالي كحكم الليالي مع نذر الأيام فيما مر. (و) الصحيح، وعبر في الروضة بالأصح، (أنه لو نذر يوما لم يجز تفريق ساعاته) من أيام، لأن المفهوم من لفظ اليوم أن يكون متصلا. قال الخليل: اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. والثاني: يجوز، تنزيلا للساعات من اليوم منزلة الأيام من الشهر. ومحل الخلاف ما لم يعين يوما، فإن عينه لم يجز التفريق قطعا. ولو دخل المسجد في أثناء النهار وقت الظهر مثلا، وخرج بعد الغروب ثم عاد قبل الفجر ومكث إلى مثل ذلك، الوقت فعلى الخلاف، فإن لم يخرج بالليل أجزأه عند الأكثرين لحصول التتابع بالبيتوتة في المسجد. وهذا هو المعتمد، وإن قال أبو إسحاق إنه لا يجزئ، وقال الشيخان: إنه الأوجه، لأنه لم يأت بيوم متواصل الساعات، والليلة ليست من اليوم. ولو نذر يوما أوله من أثناء يوم أوله وقت الظهر مثلا امتنع عليه الخروج ليلا باتفاق الأصحاب. واستشكلا منع خروجه ليلا بأن الليلة لم يلتزمها، قالا:
والقياس أن يجعل فائدة تقييده في هذه القطع بجواز التفريق لا غير. (و) الصحيح، وعبر في الروضة بالأصح، (إنه لو عين مدة كأسبوع) عينه (وتعرض للتتابع) فيها لفظا (وفاتته، لزمه التتابع في القضاء) به لالتزامه إياه، والثاني: لا يلزمه، لأن التتابع يقع ضرورة فلا أثر لتصريحه به. ولو لم يعين الأسبوع لم يتصور فيه فوات لأنه على التراخي. (وإن لم يتعرض له) أي التتابع (لم يلزمه في القضاء) جزما، لأن التتابع فيه لم يقع مقصودا، بل من ضرورة تعين الوقت، فأشبه التتابع في شهر رمضان. ولو نذر اعتكاف شهر مثلا دخلت لياليه لأنه عبارة عن الجميع إلا أن يستثنيها لفظا، أما لو استثناها بقلبه فإنه لم يؤثر كما لا يلزمه الاعتكاف بنيته. فإن قيل: إنه إذا نوى دخولها بقلبه أنه يؤثر كما مر. أجيب بأن في ذلك احتياطا للعبادة في الموضعين، وبأن الغرض من النية هناك ما قد يراد من اللفظ، وهذا إخراج ما شمله اللفظ. ولو نذر اعتكاف يوم معين ففاته فقضاه ليلا أجزأه، بخلاف اليوم المطلق، لقدرته على الوفاء بنذره بصفته الملتزمة بخلافه في المعين، كنظيره في الصلاة في القسمين، حكاه في المجموع عن المتولي وأقره. ولو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد فقدم ليلا فلا شئ عليه لعدم وجود الصفة، وقياس نظيره في الصوم ندب اعتكاف يوم شكرا لله كما قاله شيخنا. فإن قدم نهارا أجزأه البقية منه، ولا يلزمه قضاء ما مضى منه لأن الوجوب إنما ثبت من حين القدوم لصحة الاعتكاف في بعض اليوم بخلاف الصوم، لكن الأفضل أن يقضي يوما كاملا كما نقله في المجموع عن المزني، وهذا هو المعتمد كما جزم به ابن المقري، وإن صحح في المجموع في موضع آخر لزوم قضائه، وهو مقتضى كلام أصلي الروضة في باب النذر. ومحل ذلك إذا قدم حيا مختارا، فلو قدم به ميتا أو قدم مكرها فلا شئ عليه كما قاله الصيمري. فإن قيل: إذا قدم مكرها فقد حصل المقصود للناذر لأنه جعل اعتكافه شكرا لله على حضور غائبه عنده وقد وجد. أجيب بأنه علق الحكم بالقدوم، وقدوم المكره غير معتبر شرعا، ولو قال: لله علي أن أعتكف العشر الأخير دخلت لياليه حتى الليلة الأولى ويجزئه وإن نقص الشهر لأن هذا الاسم يقع على ما بعد العشرين إلى آخر الشهر، بخلاف قوله: عشرة أيام من آخر الشهر وكان ناقصا لا يجزئه، لأنه جرد القصد إليها، فيلزمه أن يعتكف بعده يوما. ويسن في هذه كما في المجموع أن يعتكف يوما قبل العشر لاحتمال
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532