(و) لا يضره (الفطر، بل يصح اعتكاف الليل وحده) واعتكاف العيد والتشريق، لخبر أنس: ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه، رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. وهذا ما نص عليه الشافعي في الجديد، وحكي قول قديم أن الصوم شرط في صحته، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء. (ولو نذر اعتكاف يوم هو فيه صائم لزمه) الاعتكاف يوم صومه لأنه به أفضل، فإذا التزامه بالنذر لزمه كالتتابع، وليس له إفراد أحدهما عن الآخر قطعا سواء أكان الصوم عن رمضان أم غيره، لأنه لم يلتزم بهذا النذر صوما، وإنما نذر الاعتكاف بصفة وقد وجدت.
(ولو نذر أن يعتكف صائما) أو يصوم (أو) عكسه بأن نذر أن (يصوم معتكفا) أو باعتكاف (لزماه) أي الاعتكاف والصوم في الصورتين عملا بالتزامه. فإن قيل: الفرق بين المسألة الأولى وبين مسألتنا مشكل كما قاله الأسنوي، فإنه التزم في الموضعين الصوم بلفظ يدل على الصفة. أجيب بأن الحال قيد في عاملها ومبينة لهيئة صاحبها، بخلاف الصفة فإنها مخصصة لموصوفها، وألحقوا الجار والمجرور بالحال الصريحة. (والأصح) المنصوص (وجوب جمعهما) لأنه قربة فلزم بالنذر، والثاني: لا، لأنهما عبادتان مختلفتان، فأشبه ما لو نذر أن يعتكف مصليا أو عكسه حيث لا يلزمه جمعها، وفرق الأول بأن الصوم يناسب الاعتكاف لاشتراكهما في الكف، والصلاة أفعال مباشرة لا تناسب الاعتكاف. والثالث:
يجب الجمع في الصورة الأولى ولا يجب في الثانية، وفرق الرافعي بأن الاعتكاف لا يصلح وصفا للصوم والصوم يصلح وصفا للاعتكاف لأنه مستحب فيه. وعلى الأول الأصح لو اعتكف صائما في رمضان أو غيره نفلا كان الصوم أو واجبا بغير هذا النذر لم يجزه لعدم الوفاء بالملتزم. قال الأسنوي: والقياس فيما ذكر، ونحوه أن يكفيه اعتكاف لحظة من اليوم ولا يجب استيعابه، لأن اللفظ صادق على القليل والكثير، وكلامهم قد يوهم خلافه اه. والأوجه الأول ولو عين وقتا لا يصح صومه كالعيد، قال الدارمي: اعتكفه ولا يقضي الصوم فهو مستثنى من وجوب الجمع، ولو نذر القران بين حج وعمرة جاز له تفريقهما وهو أفضل. ثم شرع في الركن الثالث معبرا عنه بالشرط فقال: (ويشترط نية الاعتكاف) أي لا بد منها في ابتدائه كما في الصلاة وغيرها من العبادات، لأنه عبادة، سواء المنذور وغيره تعين زمانه أو لا.
(و) لكن (ينوي) حتما (في) الاعتكاف (المنذور الفرضية) ليتميز عن التطوع، ولا يتعين سبب وجوبه وهو النذر بخلاف الصلاة والصوم، لأن وجوب الاعتكاف لا يكون إلا بالنذر بخلافهما. ولو نوى كونه عن نذره أجزأه عن ذكر الفرض كما قاله في الذخائر، ولو كان عليه اعتكاف منذور فائت ومنذور غير فائت. قال الأذرعي:
يشبه أن يجئ في التعرض للأداء والقضاء الخلاف المذكور في الصلاة، ولو دخل في الاعتكاف ثم نوى الخروج منه لم يبطل في الأصح كالصوم. (وإذا أطلق) نية الاعتكاف ولم يعين مدة (كفته) هذه النية (وإن طال مكثه) لشمول النية المطلقة لذلك. (لكن لو خرج) من المسجد (وعاد) إليه (احتاج) ان لم يعزم عند خروجه على العود (إلى الاستئناف) لنية الاعتكاف، سواء أخرج لتبرز أم لغيره، لأن ما مضى عبادة تامة وهو يريد اعتكافا جديدا. فإن عزم على العود كانت هذه العزيمة قائمة مقام النية كما قاله في التتمة وصوبه في المجموع. فإن قيل: اقتران النية بأول العبادة شرط، فكيف يكتفي بعزيمة سابقة؟ أجيب بأن نية الزيادة وجدت قبل الخروج فصار كمن نوى المدتين بنية واحدة، كما قالوه فيمن نوى ركعتين نفلا مطلقا ثم نوى قبل السلام زيادة فإنه يصح. (ولو نوى مدة) أي اعتكافها كيوم أو شهر تطوعا، أو كان قد نذر أياما غير معينة ولم يشترط فيها التتابع ثم دخل المسجد بقصد وفاء نذره (فخرج) منه (فيها) أي المدة (وعاد) إليه، (فإن خرج) منه (لغير قضاء الحاجة) من البول أو الغائط (لزمه الاستئناف)