أن يوسع القبر من قبل رجليه ورأسه، أي فقط، وكذا رواه أبو داود وغيره. والمعنى يساعده ليصونه مما يلي ظهره من الانقلاب ومما يلي صدره من الانكباب.
فائدة: التعميق بعين مهملة كما قاله الجوهري، وحكى غيره الاعجام، وقرئ به شاذا من كل فج عميق. (قدر قامة وبسطة) من رجل معتدل لهما بأن يقوم باسطا يديه مرفوعتين، لأن عمر رضي الله تعالى عنه وصى بذلك ولم ينكر عليه أحد، ولأنه أبلغ في المقصود من منع ظهور الرائحة ونبش السبع. وهما أربعة أذرع ونصف كما صوبه المصنف خلافا للرافعي في قوله: إنهما ثلاثة أذرع ونصف تبعا للمحاملي. (واللحد) بفتح اللام وضمها وسكون الحاء فيهما أصله الميل، والمراد أن يحفر في أسفل جانب القبر القبلي مائلا عن الاستواء قدر ما يسع الميت ويستره. (أفضل من الشق) بفتح المعجمة بخط المصنف، وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر أو يبني جانباه بلبن أو غيره غير ما مسه النار، ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت، ويسقف عليه بلبن أو خشب أو حجارة وهي أولى، ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت. (إن صلبت الأرض) لقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما فعل برسول الله (ص) رواه مسلم. أما في الرخوة فالشق أفضل خشية الانهيار. (ويوضع) ندبا (رأسه) أي الميت (عند رجل القبر) أي مؤخره الذي سيصير عند سفله رجل الميت. (ويسل) الميت (من قبل رأسه) سلا (برفق) لا بعنف، لما رواه أبو داود بإسناد صحيح أن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله تعالى عنه صلى على جنازة الحارث ثم أدخله القبر من قبل رجل القبر، وقال: هذا من السنة. وقول الصحابي من السنة كذا، حكمه حكم المرفوع. ولما رواه الشافعي رحمه الله تعالى بإسناد صحيح: أن النبي (ص) سل من قبل رأسه سلا، وما قيل إنه أدخل من قبل القبلة فضعيف كما قاله البيهقي وغيره وإن حسنه الترمذي، مع أنه لا يمكن إدخاله من قبل القبلة لأن شق قبره (ص) لاصق بالجدار ولحده تحت الجدار فلا موضع هناك يوضع فيه، قاله الشافعي وأصحابه كما نقله في المجموع (ويدخله القبر الرجال) إذا وجدوا، وإن كان الميت أنثى، لخبر البخاري أنه (ص) أمر أبا طلحة أن ينزل في قبر ابنته أم كلثوم، ووقع في المجموع تبعا لراوي الخبر أنها رقية، ورده البخاري في تاريخه الأوسط بأنه (ص) لم يشهد موت رقية ولا دفنها، أي لأنه كان ببدر. ومعلوم أنه كان لها محارم من النساء كفاطمة وغيرها، ولأنه يحتاج إلى قوة، والرجال أحرى بذلك بخلاف النساء لضعفهن عن ذلك غالبا، ويخشى من مباشرتهن هتك حرمة الميت وانكشافهن. نعم يندب لهن كما في المجموع أن يلين حمل المرأة من مغتسلها إلى النعش وتسليمها إلى من في القبر وحل ثيابها فيه، وظاهر ما في المختصر وكلام الشامل والنهاية أن هذا واجب على الرجال عند وجودهم وتمكينهم واستظهره الأذرعي وهو ظاهر. (وأولاهم) أي الرجال بذلك، (الأحق بالصلاة) عليه درجة، وقد مر بيانه في الغسل. وخرج بدرجة الأولى بالصلاة صفة، إذ الأفقه أولى من الاسن والأقرب البعيد الفقيه أولى من الأقرب غير الفقيه هنا عكس ما في الصلاة عليه، والمراد بالأفقه الأعلم بذلك الباب. قلت: كما قال الرافعي في الشرح، (إلا أن تكون امرأة مزوجة فأولاهم) أي الرجال بإدخالها القبر (الزوج) وإن لم يكن له حق في الصلاة عليها (والله أعلم) لأنه ينظر إلى ما لا ينظر إليه غيره.
ويليه الأفقه، ثم الأقرب فالأقرب من المحارم، ثم عبدها، لأنه كالمحرم في النظر ونحوه، ثم الممسوح ثم المجبوب ثم الخصي لضعف شهوتهم. ورتبوا كذلك لتفاوتهم فيها. ثم العصبة الذين لا محرمية لهم كبني عم ومعتق وعصبته بترتيبهم في الصلاة، ثم ذوو الرحم الذين لا محرمية لهم كذلك كبني خال وبني عمة، ثم الأجنبي الصالح لخبر أبي طلحة السابق، ثم الأفضل فالأفضل، ثم النساء بترتيبهن السابق في الغسل، والخناثى كالنساء. فإن استوى اثنان في الدرجة والفضيلة وتنازعا أقرع بينهما، والأوجه كما قال الأذرعي: أن السيد في الأمة التي تحل له كالزوج. وأما غيرها فهل يكون معها كالأجنبي