مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٢١
وما قررت به عبارته وهو ما صرح به في التحقيق وإن كان مقتضى عبارته أن الجمعة مخالفة للظهر فيما بعدها. ولو قال: والجمعة كالظهر في الرواتب قبلها وبعدها لكان أولى. (ومنه) أي من القسم الذي لا يسن جماعة (الوتر) بكسر الواو وفتحها، وليس بواجب. أما كونه مطلوبا فبالاجماع، ولقوله (ص): يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر، رواه أبو داود وصححه الترمذي. فإن قيل: هذا أمر وظاهره الوجوب كما يقول به أبو حنيفة. أجيب بأنه محمول على التأكيد لحديث الاعرابي: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع ولخبر الصحيحين في حديث معاذ: إن الله افترض عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة. وهو قسم من الرواتب كما في الروضة كأصلها وظاهر عبارة المحرر، وإن كان ظاهر عبارة المصنف أنه قسيم لها، فلو عبر بقوله ومنها ليعود الضمير على الرواتب لكان أولى. (وأقله ركعة) لخبر مسلم من حديث ابن عمر وابن عباس: الوتر ركعة من آخر الليل. وفي الكفاية عن أبي الطيب أنه يكره الايتار بركعة. وفيه وقفة إذ لا نهي.
وقد روى أبو داود وغيره من حديث أبي أيوب: من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس: أنه (ص) أوتر بواحدة. وأدنى الكمال ثلاث وأكمل منه خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة وهي أكثره كما قال: (وأكثره إحدى عشرة) للأخبار الصحيحة، منها خبر عائشة: ما كان رسول الله (ص) يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة. فلا تصح الزيادة عليها كسائر الرواتب، فإن أحرم بالجميع دفعة واحدة لم يصح، وإن سلم من كل ركعتين صح غير الاحرام السادس فلا يصح وترا. ثم إن علم المنع وتعمد فالقياس البطلان وإلا وقع نفلا كإحرامه بالصلاة قبل وقتها غالطا. (وقيل) أكثره (ثلاث عشرة) ركعة، لاخبار صحيحة تأولها الأكثرون بأن من ذلك ركعتين سنة العشاء، قال المصنف: وهو تأويل ضعيف مباعد للاخبار. قال السبكي: وأنا أقطع بحل الايتار بذلك وصحته، ولكن أحب الاقتصار على إحدى عشرة فأقل لأنه غالب أحواله (ص). ويسن لمن أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى الاعلى، وفي الثانية الكافرون، وفي الثالثة الاخلاص ثم الفلق ثم الناس مرة مرة، وينبغي أن الثلاثة الأخيرة فيما إذا زاد على الثلاثة أن يقرأ فيها ذلك. (ولمن زاد على ركعة) في الوتر (الفصل) بين الركعات بالسلام، فينوي ركعتين مثلا من الوتر لما روى ابن حبان: أنه (ص) كان يفصل بين الشفع والوتر. (وهو أفضل) من الوصل الآتي، لأن أحاديثه أكثر كما قاله في المجموع، ولأنه أكثر عملا لزيادته عليه السلام وغيره. وقيل: الوصل أفضل خروجا من خلاف أبي حنيفة، فإنه لا يصحح الفصل. والقائلون بالأول قالوا: إنما يراعي الشافعي الخلاف إذا لم يؤد إلى محظور أو مكروه، وهذا منه، فإن الوصل فيما إذا وتر بثلاث مكروه كما جزم به ابن خيران. وقال القفال: لا يصح وصلها، وبه أفتى القاضي حسين لخبر: لا توتروا بثلاث ولا تشبهوا الوتر بصلاة المغرب. وقيل: الفصل أفضل للمنفرد دون الإمام، إذ قد يقتدي به حنفي. وعكسه الروياني، لئلا يتوهم خلل فيما صار إليه الشافعي مع أنه ثابت. وهذا كله في الاتيان بثلاث، فإن زاد فالفصل أفضل قطعا كما جزم به في التحقيق، وثلاث فأكثر موصولة أفضل من ركعة فردة لا شئ قبلها. (و) لمن زاد على ركعة (الوصل بتشهد) في الأخيرة، (أو تشهدين في الأخيرتين) للاتباع رواه مسلم. وليس له غير ذلك، فلا يجوز له أن يتشهد في غيرهما فقط أو معهما أو مع أحدهما لأنه خلاف المنقول من فعله (ص). وقد تفهم عبارته استواء التشهد والتشهدين في الفضيلة، وهو وجه، قال الرافعي: إنه مقتضى كلام كثيرين، ولكن الأصح كما في التحقيق أن الوصل بتشهد أفضل منه بتشهدين فرقا بينه وبين المغرب وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، ففي الخبر السابق: (ووقته بين صلاة العشاء وطلوع الفجر) الثاني، لنقل الخلف على السلف. وروى أبو داود وغيره خبر: إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر، فجعلها لكم من العشاء إلى طلوع الفجر. وقال المحاملي: وقته المختار إلى نصف الليل، والباقي وقت جواز، وهو محمود كما قاله البلقيني على من لم يرد التهجد كما يعلم مما سيأتي. وقضية كلام المصنف أنه لو جمع العشاء مع
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532