مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٦٩
للعذر فهذا أولى، وكذا لو سجد على شعر نبت على جبهته لأن ما نبت عليها مثل بشرته، ذكره البغوي في فتاويه ولم يطلع عليه الأسنوي فقال: يحتمل الاجزاء مطلقا بدليل أنه لا يلزم المتيمم نزعه، وهو متجه، ثم قال: وأوجه منه أنه إن استوعبت الجبهة كفى وإلا وجب أن يسجد على الخالي منه لقدرته على الأصل. (ولا يجب وضع يديه وركبتيه وقدميه) في سجوده (في الأظهر) لقوله تعالى: * (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) *. وللخبر المتقدم: إذا سجدت فمكن جبهتك فإفرادها بالذكر دليل على مخالفتها لغيرها، ولأنه لو وجب وضعها لوجب الايماء بها عند العجز عن وضعها، والايماء بها لا يجب فلا يجب وضعها، ولان المقصود منه وضع أشرف الأعضاء على مواطئ الاقدام وهو خصيص بالجبهة.
ويتصور رفع جميعها كأن يصلي على حجرين بينهما حائط قصير ينبطح عليه عند سجوده ويرفعها. (قلت: الأظهر وجوبه والله أعلم) لخبر الصحيحين: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين. وإنما لم يجب الايماء بها عند العجز وتقريبها من الأرض كالجبهة، لأن معظم السجود وغاية الخضوع بالجبهة دونها، ويكفي وضع جزء من كل واحد من هذه الأعضاء كالجبهة. والعبرة في اليدين ببطن الكف سواء الأصابع والراحة، قاله في المجموع، وفي الرجلين ببطن الأصابع فلا يجزئ الظهر منها ولا الحرف، ولا يجب كشفها، بل يكره كشف الركبتين لأنه يفضي إلى كشف العورة، وقيل: يجب كشف باطن الكفين أخذا بظاهر خبر خباب السابق، وأجيب عنه بأن قوله فيه فلم يشكنا في مجموع الجبهة والكفين، وأيد بما رواه ابن ماجة: أنه (ص) صلى في مسجد بني الأشهل وعليه كساء ملفع به يضع يديه عليه يقيه الحصى. ويسن كشفهما خروجا من الخلاف وكشف قدميه حيث لا خف، ويحصل توجيه أصابعهما للقبلة بأن يكون معتمدا على بطونهما. ثم محل وجوب وضع هذه الأعضاء إذا لم يتعذر وضع شئ منها وإلا فيسقط الفرض، فلو قطعت يده من الزند لم يجب وضعه، ولا وضع رجل قطعت أصابعها لفوت محل الفرض.
فرع: لو خلق له رأسان وأربع أيد وأربع أرجل هل يجب عليه وضع بعض كل من الجبهتين وما بعدهما مطلقا أو يفصل بين أن يكون البعض زائدا أو لا؟ لم أر من تعرض لذلك، ولكن أفتاني شيخي فيها بأنه إن عرف الزائد فلا اعتبار به وإلا اكتفى في الخروج عن عهدة الوجوب بسبعة أعضاء منها، أي إحدى الجبهتين ويدين وركبتين وأصابع رجلين إذا كانت كلها أصلية للحديث، فإن اشتبه الأصلي بالزائد وجب وضع جزء من كل منها. (ويجب أن يطمئن) لحديث المسئ صلاته، (وينال مسجده) وهو بفتح الجيم وكسرها محل سجوده، (ثقل رأسه) للخبر السابق، وإذا سجدت فمكن جبهتك ومعنى الثقل: أن يتحامل بحيث لو فرض تحته قطن أو حشيش لا تكبس وظهر أثره في يده لو فرضت تحت ذلك. واكتفى الإمام بإرخاء رأسه، قال: بل هو أقرب إلى هيئة التواضع من تكلف التحامل، وينال معناه يصيب ويحصل، ومسجده هنا منصوب، وثقل فاعل. ولا يعتبر هذا في بقية الأعضاء كما يؤخذ من عبارة الروضة وأفتى به شيخي مخالفا فيه شيخه في شرح منهجه. وقال الزركشي: أما غير الجبهة من الأعضاء إذا أوجبنا وضعه فلا يشترط فيها التحامل، وحكي عن الإمام أن الذي صححه الأئمة أن يضع أطراف الأصابع على الأرض من غير تحامل عليها اه‍. وقال المصنف في تحقيقه: ويندب أن يضع كفيه حذو منكبيه وينشر أصابعهما مضمومة للقبلة ويعتمد عليهما. (وأن لا يهوي لغيره) أي السجود بأن يهوي له أو من غير قصد كما مر في الركوع، (فلو سقط لوجهه) أي عليه من الاعتدال (وجب العود إلى الاعتدال) ليهوي منه لانتفاء الهوي في السقوط، فإن سقط من الهوي لم يلزمه العود بل يحسب ذلك سجودا، إلا إن قصد بوضع الجبهة الاعتماد عليها فقط فإنه يلزمه إعادة السجود لوجود الصارف. ولو سقط من الهوي على جنبه فانقلب بنية السجود، أو بلا نية، أو بنيته ونية الاستقامة وسجد أجزأه، فإن نوى الاستقامة فقط لم يجزه لوجود الصارف، بل يجلس ثم يسجد، ولا يقوم ثم يسجد، فإن قام عامدا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532