مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٥٤
منحنيا) إلى قدامه أو خلفه، (أو مائلا) إلى يمينه أو يساره، (بحيث لا يسمى قائما لم يصح) قيامه لتركه الواجب بلا عذر.
والانحناء السالب للاسم أن يصير إلى الركوع أقرب كما في المجموع، ومقتضاه أنه لو كان أقرب إلى القيام أو استوى الأمران صح، وهو كذلك وإن نظر فيه الأذرعي. ولو استند إلى شئ كجدار أجزأه مع الكراهة، ولو تحامل عليه وكان بحيث لو رفع ما استند إليه لسقط لوجود اسم القيام، وإن كان بحيث يرفع قدميه إن شاء وهو مستند لم يصح، لأنه لا يسمى قائما بل معلقا نفسه. (فإن لم يطق انتصابا) لنحو مرض ككبر، (وصار كراكع فالصحيح أنه يقف) وجوبا (كذلك) لأنه إلى القيام أقرب، (ويزيد انحناءه لركوعه إن قدر) على الزيادة ليتميز الركنان. والثاني: لا، بل يقعد، فإذا وصل إلى الركوع لزمه الارتفاع، لأن حد الركوع يفارق حد القيام، فلا يتأدى هذا بذاك. (ولو أمكنه) القيام متكئا على شئ أو القيام على ركبتيه لزمه ذلك لأنه ميسوره، أو أمكنه (القيام دون الركوع والسجود) لعلة بظهره مثلا تمنع الانحناء (قام) وجوبا (وفعلهما بقدر إمكانه) في الانحناء لهما بالصلب، لقوله (ص) في الحديث الصحيح: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. فإن عجزه فبالرقبة والرأس، فإن عجز أومأ إليهما. ولو قدر على الركوع دون السجود أتى به مرتين: مرة للركوع ومرة للسجود، وإن قدر على زيادة على الركوع لزمه أن يقتصر في الركوع على حد الكمال ويأتي بالزيادة للسجود. ومن قدر على القيام والاضطجاع فقط قام بدل القعود، قال في الروضة عن البغوي: لأنه قعود وزيادة، وأومأ بالركوع والسجود إمكانه وتشهد قائما. (ولو عجز عن القيام قعد) للحديث السابق وللاجماع، (كيف شاء) لاطلاق الحديث المذكور، ولا ينقص ثوابه عن ثواب المصلي قائما لأنه معذور. قال الرافعي: ولا نعني بالعجز عدم الامكان فقط، بل في معناه خوف الهلاك أو الغرق وزيادة المرض، أو لخوف مشقة شديدة، أو دوران الرأس في حق راكب السفينة كما تقدم بعض ذلك. قال في زيادة الروضة: والذي اختاره الإمام في ضبط العجز أن تلحقه مشقة تذهب خشوعه، لكنه قال في المجموع: إن المذهب خلافه اه‍. وجمع شيخي بين كلامي الروضة والمجموع بأن إذهاب الخشوع ينشأ عن مشقة شديدة. (و) لكن (افتراشه) وسيأتي في بيانه موضع قيامه، (أفضل من تربعه) وغيره (في الأظهر) لأنها هيئة مشروعة في الصلاة فكانت أولى من غيرها. والثاني: تربيعه أفضل، وهو نصه في البويطي. وقيل: إن تربيع المرأة أفضل، واختاره في الحاوي لأنه أستر لها، وقيل: التورك أفضل لأنه أعون للمصلي. فإن قيل: لا يؤخذ من العبارة تفضيل الافتراش على سائر الهيئات بل على التربيع فقط، ولم يقيده في المحرر بالتربيع. أجيب بأنه إذا فضل على التربيع فغيره أولى، وفيه نظر إذ لا يلزم من أفضليته على التربيع أفضليته على التورك، لأن التورك قعود عبادة، بخلاف التربيع، وإنما فضل الافتراش على التورك لأنه قعود يعقبه حركة فأشبه التشهد الأول، فلو أطلق كالمحرر أو زاد ما قدرته كان أولى. (ويكره الاقعاء) هنا وفي سائر قعدات الصلاة للنهي عنه كما أخرجه الحاكم وصححه. وفسر الاقعاء بتفاسير، أحسنها ما ذكره المصنف بقوله: (بأن يجلس) المصلي (على وركيه) وهما أصل فخذيه، (ناصبا ركبتيه) بأن يلصق ألييه بموضع صلاته، وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستوفز، وضم إليه أبو عبيدة أن يضع يديه على الأرض. ووجه النهي عنه ما فيه من التشبه بالكلب والقرد كما وقع التصريح به في بعض الروايات. ومن الاقعاء نوع مستحب عند المصنف وابن الصلاح، وهو أن يفرش رجليه ويضع ألييه على عقبيه، وجعله الرافعي أحد الأوجه في تفسير الاقعاء المكروه، وعلى هذا فهو تفسير ثان للمكروه، وفسر البيهقي المستحب بأن يضع أطراف أصابعه بالأرض وألييه على عقبيه، وفي البويطي نحوه، وظاهره نصب قدميه لا فرشهما. والتفسير الثالث أن يضع يديه على الأرض ويقعد على أطراف أصابعه.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532