منه في الأولى وبقطع القاطع في الثانية، فلو كان الأول في الثانية أيضا قطع بأن الصواب ما ذكره ولم يكن الثاني أعلم لم يؤثر، فإن لم يتبين له الصواب مقارنا بطلت صلاته وإن بان له الصواب عن قرب لما مر.
(باب صفة) أي كيفية (الصلاة) وهي تشتمل على أركان: وهي المذكورة هنا، وعلى شروط: وهي المذكورة في أول الباب الآتي، وأبعاض: وهي السنن المجبورة بسجود السهو، وهيئات: وهي السنن التي لا تجبر. والركن كالشرط في أنه لا بد منه، ويفارقه في أن الشرط هو الذي يتقدم على الصلاة ويجب استمراره فيها كالطهر والستر. والركن: ما تشتمل عليه الصلاة كالركوع والسجود، فخرج بتعريف الشرط التروك كترك الكلام فليست بشروط كما صوبه في المجموع بل مبطلة للصلاة كقطع النية، وقيل:
إنها شروط كما قاله الغزالي ووافقه ابن المقري كأصله في باب شرط الصلاة. ويشهد للأول أن الكلام اليسير ناسيا لا يضر ولو كان تركه من الشروط لضر. فإن قيل: تعريف الشرط بما ذكر يخرج التوجه للقبلة عن كونه شرطا كما قاله ابن الرفعة، لأنه إنما يعتبر في القيام والقعود مع أن المشهور أنه شرط. أجيب بأن التوجه إليها حاصل في غيرهما أيضا عرفا، إذ يقال على المصلي حينئذ إنه توجه إليها لا منحرف عنها مع أن التوجه إليها ببعض مقدم بدنه حاصل حقيقة أيضا، وذلك كاف.
فائدة: قد شبهت الصلاة بالانسان، فالركن كرأسه، والشرط كحياته، والبعض كأعضائه، والهيئات كشعره.
(أركانها ثلاثة عشر) كذا في المحرر بجعل الطمأنينة كالهيئة التابعة. وجعلها في التنبيه ثمانية عشر، فزاد الطمأنينة في الركوع والاعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين ونية الخروج في الصلاة. وجعلها في التحقيق والروضة سبعة عشر، لأن الأصح أن نية الخروج لا تجب. وجعلها في الحاوي الرابعة عشر، فزاد الطمأنينة إلا أنه جعلها في الأركان الأربعة ركنا واحدا. والخلاف بينهم لفظي، فمن لم يعد الطمأنينة ركنا جعلها في كل ركن كالجزء منه وكالهيئة التابعة له، ويؤيده كلامهم في التقدم والتأخر بركن أو أكثر، وبه يشعر خبر: إذا قمت إلى الصلاة الآتي. ومن عدها أركانا فذاك لاستقلالها، وصدق اسم السجود ونحوه بدونها، وجعلت أركانا لتغايرها باختلاف محالها. ومن جعلها ركنا واحدا فلكونها جنسا واحدا كما عدوا السجدتين ركنا لذلك. الأول: (النية) لأنها واجبة في بعض الصلاة، وهو أولها لا في جميعها، فكانت ركنا كالتكبير والركوع. وقيل: هي شرط لأنها عبارة عن قصد فعل الصلاة، فتكون خارج الصلاة، ولهذا قال الغزالي: هي بالشرط أشبه. وتظهر فائدة الخلاف فيما لو افتتح النية مع مقارنة مفسد من نجاسة أو غيرها وتمت بلا مانع. إن قلنا إنها ركن لم تصح، أو شرط صحت، وفيها كلام للرافعي ذكرته مع زيادة في شرح التنبيه. والأصل فيها قوله تعالى: * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) *، قال الماوردي: والاخلاص في كلامهم النية، وقوله (ص): إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وأجمعت الأمة على اعتبار النية في الصلاة، وبدأ بها لأن الصلاة لا تنعقد إلا بها. (فإن صلى) أي أراد أن يصلي (فرضا) ولو نذرا أو قضاء أو كفاية، (وجب قصد فعله) بأن يقصد فعل الصلاة لتتميز عن سائر الأفعال، وهي هنا ما عدا النية لأنها لا تنوى للزوم التسلسل في ذلك، ولان ما كان من الأعمال حصول صورته كاف في حصول مصلحته لم يفتقر إلى نية، والنية كذلك لأن المقصود منها شيئان:
تمييز العبادات عن العادات وتمييز رتب العبادات، وذلك حاصل بحصولها من غير توقف على شئ آخر. (و) وجب (تعيينه) من ظهر أو غيره ليمتاز عن سائر الصلوات، قال في العباب: وفي إجزاء نية صلاة يشرع التثويب في أذانها والقنوت فيها أبدا عن نية الصبح تردد اه. وينبغي الاكتفاء، وتقدم الكلام على النية في باب الوضوء. ولو عبر بقوله قصد فعلها وتعيينها لكان أولى، واستغنى عما قدرته تبعا للشارح، فالمراد قصد فعل الفرض من حيث كونه صلاة