تضر بالدابة بخلاف السفينة. (وإلا) أي وإن لم يمكن، أي يسهل ذلك كأن كان على سرج أو قتب (فالأصح إنه إن سهل الاستقبال) بأن تكون الدابة واقفة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها أو سائرة وبيده زمامها وهي سهلة (وجب) لتيسيره عليه (وإلا) أي وإن لم يسهل بأن كانت الدابة سائرة وهي مقطورة ولم يسهل انحرافه عليها أو جموح لا يسهل تحريفها، (فلا) يجب للمشقة واختلال أمر السير عليه، وقيل: يجب عليه مطلقا، فإن تعذر لم تصح صلاته، وقيل: لا يجب مطلقا لأن وجوبه يشوش عليه السير. (ويختص) وجوب الاستقبال (بالتحرم) فلا يجب فيما عداه وإن سهل، والفرق أن الانعقاد يحتاط له ما لا يحتاط لغيره لوقوع أول الصلاة بالشرط، ثم يجعل ما بعده تابعا له، ويدل لذلك أنه (ص) كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه رواه أبو داود بإسناد حسن كما قاله في المجموع. (وقيل: يشترط في السلام أيضا) لأنه آخر طرفي الصلاة، فاشترط فيه ذلك كالتحرم، والأصح المنع كما في سائر الأركان ولا يشترط فيما بينهما جزما. قال في المهمات: وقضية كلام الشيخين فيما إذا كانت سهلة أنه لا يلزمه الاستقبال في غير التحرم أيضا وإن كانت واقفة، وهو بعيد، قال ابن الصباغ: والقياس أنه مهما دام واقفا لا يصلي إلا إلى القبلة، وهو متعين. وفي الكفاية عن الأصحاب: أنه لو وقف لاستراحة وانتظار رفقة لزمه الاستقبال ما دام واقفا، فإن سار أتم صلاته إلى جهة سفره إن كان سيره لأجل سير الرفقة، وإن كان مختارا له بلا ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلاته، لأنه بالوقوف لزمه فرض التوجه، وفي شرح المهذب عن الحاوي نحوه اه. وما قاله كما قال شيخي ظاهر في الواقفة، ولكن لا يلزمه بالوقوف إتمام التوجه لظاهر الحديث السابق. أما الماشية فلا يجب الاستقبال عليها في غير التحرم وإن سهل. أما ملاح السفينة وهو الذي يسيرها فلا يلزمه توجه، لأن تكليفه ذلك يقطعه عن التنفل أو عمله، بخلاف بقية من في السفينة فإنه يلزمهم ذلك، وهذا ما صححه المصنف في التحقيق وغيره، وإن صحح الرافعي في الشرح الصغير اللزوم. (ويحرم انحرافه عن) صوب (طريقه) لأنه بدل عن القبلة، (إلا إلى القبلة) لأنها الأصل، حتى لو انحرف بركوبه مقلوبا عن صوب مقصده إلى القبلة لم يضر سواء أكانت القبلة خلفه أم لا خلافا لما وقع في الدميري من أنه يضر إذا كانت خلفه، فإن انحرف إلى غيرها عالما مختارا بطلت صلاته، وكذا النسيان أو خطأ طريق أو جماح دابة إن طال الزمن وإلا فلا، ولكن يسجد للسهو، لأن عمد ذلك مبطل وفعل الدابة منسوب إليه، وهذا ما جزم به ابن الصباغ وصححاه في الجماح، والرافعي في الشرح الصغير في النسيان، ونقله الخوارزمي فيه عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقال الأسنوي: تتعين الفتوى به. لكن المنصوص فيه كما في الروضة وأصلها أنه لا يسجد، وصححه في المجموع وغيره. والمعتمد الأول ولو انحرفت الدابة بنفسها من غير جماح وهو غافل عنها ذاكرا للصلاة، ففي الوسيط إن قصر الزمان لم تبطل، وإلا فوجهان اه. قال شيخنا: أوجههما البطلان. ولو أحرفه غيره قهرا بطلت وإن عاد عن قرب لندرته، ولو كان لصوب مقصده طريقان: أحدهما يستقبل فيه القبلة، والآخر لا يستقبل فيه فسلكه، فهل يشترط فيه أن يكون له غرض في سلوكه كما في مسافة القصر؟ لم أر من ذكره، والظاهر كما قال شيخي عدم الاشتراط، والفرق بينهما أن النفل يتوسع فيه. (ويومئ) أي يكفيه الايماء (بركوعه وسجوده) ويكون سجوده (أخفض) من ركوعه، وفي بعض النسخ: وسجوده وجوبا إن أمكن تمييزا بينهما للاتباع. ولا يجب عليه وضع الجبهة على السرج ونحوه لما فيه من المشقة، ولا أن ينحني غاية الوسع، وذلك لما روى البخاري: أنه (ص) كان يصلي على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء إلا الفرائض، وفي حديث الترمذي في صلاته (ص) على الراحلة بالايماء يجعل السجود أخفض من الركوع. (والأظهر أن الماشي يتم) وجوبا (ركوعه وسجوده ويستقبل فيهما
(١٤٣)