بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله ثم ضرب بيديه على منكبي وقال: هكذا أخبرني جبريل عليه السلام.
ويقول ذلك في الاذان أربعا وفي الإقامة مرتين، قاله في المجموع. وقيل: يحوقل مرتين في الاذان، واختاره ابن الرفعة، وكلام المصنف يميل إليه. ولو عبر بحيعلاته لوافق الأول المعتمد، وإنما لم يقل في الحيعلتين مثل ما يقول لأنهما دعاء إلى الصلاة لا يليق بغير المؤذن والمقيم، فسن للمجيب ذلك لأنه تفويض محض إلى الله تعالى ولقوله في خبر مسلم: وإذا قال حي على الصلاة قال - أي سامعه - لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله وفي آخر الحديث: من قال ذلك مخلصا من قلبه دخل الجنة. وفي الصحيحين: لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة. أي أجرها مدخر لقائلها كما يدخر الكنز.
فائدة: الحاء والعين لا يجتمعان في كلمة واحدة أصلية الحروف لقرب مخرجهما إلا أن تؤلف كلمة من كلمتين كقولهم حيعل، فإنها مركبة من كلمتين: من حي على الصلاة ومن حي على الفلاح، ومن المركب من كلمتين قولهم:
حوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله هكذا قاله الجوهري. وقال الأزهري وغيره: حولق بتقديم اللام على القاف، فهي مركبة من حاء حول وقاف قوة، وكقولهم: بسمل إذا قال بسم الله. وحمدل إذا قال الحمد لله، والهيللة إذا قال لا إله إلا الله، و الجعفلة جعلت فداءك، والطلبقة أطال الله بقاءك، والدمعزة أدام الله عزك. والفلاح الظفر بالمطلوب والنجاة من المطلوب. قال الأسنوي: والقياس أن السامع يقول في قول المؤذن ألا صلوا في رحالكم: لا حول ولا قوة إلا بالله. (قلت: وإلا في التثويب) في أذاني الصبح (فيقول) بدل كلمتيه: (صدقت وبررت) بكسر الراء الأولى وسكون الثانية، وحكي فتح الأولى، أي صرت ذا بر، أي خير كثير (والله أعلم)، لما في ذلك من المناسبة، ولخبر ورد فيه، قاله ابن الرفعة، قال الدميري: ولا يعرف من قاله. وقيل: يقول: صدق رسول الله (ص) الصلاة خير من النوم. والمشهور استحباب الإجابة في كلمات الإقامة كما تقرر إلا في كلمتي الإقامة، فيقول: أقامها الله وأدامها ما دامت السماوات والأرض لما فيه من المناسبة أيضا، ولخبر رواه أبو داود ولكن بسند ضعيف. وقال الإمام: يقول: اللهم أقمها وأدمها واجعلني من صالحي أهلها وهو أيضا مروي عن النبي (ص). وقيل: لا يجيب إلا في كلمتيها فقط. (و) يسن (لكل) من مؤذن وسامع ومستمع، قال شيخنا: ومقيم، ولم أره لغيره. (أن يصلي على النبي (ص)) ويسلم أيضا لما مر من أنه يكره إفرادها عنه. (بعد فراغه) من الاذان أو الإقامة على ما مر لقوله (ص): إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. (ثم) يقول: (اللهم) أصله: يا الله، حذفت منه يا وعوض عنه الميم، ولهذا لا يجوز الجمع بينهما. (رب هذه الدعوة) بفتح الدال، أي الاذان أو الإقامة على ما مر. (التامة) أي السالمة من تطرق نقص إليها. (والصلاة القائمة) أي التي به تقام. (آت) أعط (محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته) لقوله (ص): من قال ذلك حين يسمع النداء حلت له شفاعتي يوم القيامة رواه البخاري، أي حصلت. وزاد في التنبيه بعد والفضيلة: والدرجة الرفيعة، وبعد وعدته: يا أرحم الراحمين. والوسيلة أصله ما يتوسل به إلى الشئ والجمع وسائل، والمراد منها في الحديث القرب من الله تعالى، وقيل: منزلة في الجنة كما ثبت في صحيح مسلم. وقيل: قبتان في أعلى عليين إحداهما من لؤلؤة بيضاء يسكنها محمدا وآله، والأخرى من ياقوتة صفراء يسكنها إبراهيم وآله. والمقام المذكور هو المراد في قوله تعالى: * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * وهو مقام الشفاعة في فصل القضاء يوم القيامة يحمده فيه الأولون والآخرون، رواه البزار من حديث أبي هريرة. وقال مجاهد والطبري: المقام المحمود أن الله تعالى يجلسه على العرش.
ووقع في المحرر والشرح المقام المحمود معرفا، ونكره في المجموع واعترض برواية النسائي وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي له معرفا بإسناد صحيح. فإن قيل: ما فائدة طلب ذلك له (ص) وهو واجب الوقوع بوعد الله تعالى؟ أجيب بأن