وعلى كل واحد منهما إذا تمكن من تأدية ما عليه من الحقوق أن لا يمطل صاحبه ولا يؤخر، فإن مطله مع قدرة الدفع كان آثما، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله توفي عن تسع، وكان يقسم لثمان لأن سودة بنت زمعة وهبت ليلتها لعائشة حين أراد النبي صلى الله عليه وآله طلاقها لما كان بها من الكبر، فسألته أن يتركها في جملة أزواجه ووهبت ليلتها لغيرها، فدل ذلك على أن هبة القسم جائزة متى رضي الزوج.
فإذا ثبت أن الهبة جائزة فإنها تفتقر إلى إذن الزوج، لأن القسم حق لها وله، وهي لا تملك إسقاط ما عليها من الحق، فإذا وهبت ليلتها فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن تهبها للزوج أو لضرائر الزوج أو لواحدة منهن:
فإذا وهبت للضرائر فتكون الليلة منصرفة إليهن مثل أن يكون له أربع زوجات فوهبت ليلتها لهن، كان عليه أن يبيت عند كل واحدة ليلة، ثم يرجع إلى الأولى بعد يومين، بعد أن كان يرجع إليها بعد ثلاثة أيام.
وإن وهبت للزوج فله أن يقبل لأن النبي صلى الله عليه وآله قبل هبة سودة، فإذا قبلها فله أن يصرفها إلى من شاء منهن لأنه حق له، وإن صرف إلى واحدة منهن فليس لها الامتناع من قبولها، لأنه زيادة في حقها.
وإن كان له أربع زوجات فحللته ثلاثة نسوة منهن لأن يبيت عند واحدة ورضي الزوج بذلك، فإن عليه أن يتوفر عليها لأنه بمنزلة من له زوجة واحدة، وإن وهبت لواحدة منهن ورضي الزوج جاز لأن سودة وهبت لعائشة.
فإذا ثبت أن الهبة جائزة فإن رجعت في الهبة ففيه ثلاث مسائل: إحداها أن رجوعها في الماضي لا يصح لأنه كالهبة المقبوضة، ولا يصح الرجوع فيها، وأما رجوعها في المستقبل فجائز لأنها بمنزلة الهبة التي لم تقبض، وإن رجعت ولم يعلم الزوج برجوعها حتى بات عند نسائه ليالي، فإنه لا يجب عليه قضاؤها.
فإن وهبت ليلتها في أول الليل ورجعت في نصف الليل صح رجوعها في النصف الأخير، ومتى أرادت أن تأخذ العوض على ليلتها، بأن تبيعها من زوجها أو