شئت قربت وآويت، والظاهر أنه كان يجب عليه القسم للبواقي لأنه كذلك كان يفعل، حتى أنه كان يطاف به في مرضه بالقسمة إلى أن قبض عليه السلام، وقيل في قوله تعالى: " ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك " أنها نزلت في المرأة التي وهبت نفسها للنبي لأنه قال من بعد قوله " إن وهبت نفسها للنبي... الآية " " ترجي " أي تقبل " من تشاء منهن " وتؤخر من تشاء.
النكاح مستحب في الجملة للرجل والمرأة، ليس بواجب خلافا لداود.
والناس ضربان: ضرب مشته للجماع وقادر على النكاح، وضرب لا يشتهيه، فالمشتهي يستحب له أن يتزوج، والذي لا يشتهيه المستحب أن لا يتزوج لقوله تعالى: " وسيدا وحصورا " فمدحته على كونه حصورا، وهو الذي لا يشتهي النساء، وقال قوم: هو الذي يمكنه أن يأتي النساء ولكن لا يفعله.
لا يحل للأجنبي أن ينظر إلى أجنبية لغير حاجة وسبب، فنظره إلى ما هو عورة منها محظور، وإلى ما ليس بعورة مكروه، وهو الوجه والكفان لقوله تعالى:
" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "، وروي أن الخثعمية أتت رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع تستفتيه في الحج، وكان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وآله، فأخذ ينظر إليها وأخذت تنظر إليه، فصرف النبي صلى الله عليه وآله وجه الفضل عنها وقال: رجل شاب وامرأة شابة فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك، وروي أن ابن مكتوم دخل على النبي عليه السلام وعنده عائشة وحفصة فلم يحتجبا، فلما خرج أنكر عليهما، فقالت: إنه أعمى، فقال: أعمياوان أنتما؟
فأما النظر إليها لضرورة أو حاجة فجائز، فالضرورة مثل نظر الطبيب إليها، وذلك يجوز بكل حال وإن نظر إلى عورتها، لأنه موضع ضرورة لأنه لا يمكن