عز وجل: " وما ملكت يمينك " ولم يفصل، وملك عليه السلام مارية القبطية وكانت مسلمة، وملك صفية وهي مشركة، وكانت عنده إلى أن أسلمت فأعتقها وتزوجها.
والتخيير عليه كان واجبا لأن الله فرض عليه أن يخير نساءه بقوله: " قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا... الآية " وذلك أن بعض نسائه طلبت منه حلقة من ذهب، فصاع لها من فضة، وطلاها بالزعفران، فقالت: لا أريد إلا من ذهب، فاغتم عليه السلام لذلك فنزلت آية التخيير.
وقيل: إنما خيره لأنه لم يمكنه التوسعة عليهن فربما تكون فيهن من تكره المقام معه فنزهه عن ذلك، والتخيير كناية عن الطلاق عند قوم إذا نويا معا، فإن لم ينويا أو لم ينو أحدهما لم يقع به شئ، وقال قوم: إنه صريح في الطلاق، وعندنا أنه ليس له حكم.
هل كان يخير عليه السلام على الفور أو التراخي؟ الأصول تقتضي أنه كان على الفور، لأن الأمر يقتضي ذلك، وينبغي أن يكون جواب المرأة إذا خيرها مثل ذلك على الفور إذا كان مطلقا، فأما إن كان مشروطا أو مقيدا فهو بحسبهما.
قوله تعالى: " لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج " أي لا يحل لك من بعد أن تتزوج على نسائك وأن تستبدل بهن، فحرم عليه الاستزادة والاستبدال، مثل أن يطلق واحدة ويتزوج بدلها أخرى، لكن كان يجوز أن يطلق واحدة من غير بدل يتزوجها.
وقيل إن سبب هذا أن الله تعالى أراد أن يكافئهن على اختيارهن النبي صلى الله عليه وآله حين صبرن على الفاقة والجوع والضر، روي عن عائشة أنها قالت:
مات رسول الله صلى الله عليه وآله وما شبعنا من خبز بر قط.
ثم نسخت وأحلت له النساء بقوله: " إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك... الآية "، وفيها ثلاث أدلة:
أحدها: قوله " أحللنا " والإحلال له النساء رفع الحظر، ومعلوم أن أزواجه