النكاح ولا يمهرها ثم يدخل بها، ولا يجب عليه مهرها، وليس ذلك لغيره، لأنه وإن جاز له أن يتزوج بلا مهر، فإذا دخل بها وجب عليه المهر، لقوله تعالى:
" وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين "، فالظاهر يقتضي أنه كان له أن يتزوج بلفظ الهبة، وفي الناس من قال: لا يجوز له ذلك، والأول أصح، ومنهم من قال: كان يجوز له الإيجاب بلفظ الهبة وأما القبول فلا يجوز إلا بلفظ التزويج.
وأما النكاح بلا ولي وشهود، فعندنا يجوز له ولغيره إذا كانت المرأة بالغا غير مولى عليها لسفه، وأما النبي صلى الله عليه وآله فلا خلاف أنه تزوج أم سلمة فزوجه إياها ابنها عمر، ولا خلاف أن الابن لا ولاية له على الأم فكأنه تزوجها بلا ولي، ولا خلاف أنه صلى الله عليه وآله أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها، والمعتق لا يكون وليا في حق نفسه.
وأما النكاح في حال الإحرام، فالظاهر أنه ما كان يجوز له لورود النهي في ذلك على وجه العموم، ولما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: المحرم لا ينكح ولا ينكح، ولم يفرق، وفي من وافقنا في تحريم نكاح المحرم من قال: إنه كان يجوز له ذلك، لما روي عن ابن عباس أنه قال: تزوج ميمونة وهو محرم.
وأما حرائر الكتابيات فلم يجز له أن يتزوج بهن لأن نكاحهن محرم على غيره عندنا لقوله تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " وقوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " ولم يفصل، وفي من خالفنا في نكاح الكتابيات من قال:
إنه محرم عليه ذلك لقوله عز وجل: " وأزواجه أمهاتهم "، والكافرة لا تكون أم المؤمن، لأن هذه أمومة، والكافرة ليست أهلا لذلك، ولقوله تعالى: " إنما المشركون نجس " ولأنه قال عليه السلام: كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي، وذلك لا يصح في الكافرة.
فأما نكاح الأمة فلم يجز له بلا خلاف، وأما وطء الأمة فكان جائزا له، مسلمة كانت أو كتابية بلا خلاف، لقوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانكم "، ولقوله.