مسألة 6: إذا بلغت الحرة الرشيدة ملكت العقد على نفسها وزالت ولاية الأب عنها والجد إلا إذا كانت بكرا، فإن الظاهر من روايات أصحابنا أنه لا يجوز لها ذلك، وفي أصحابنا من قال: البكر أيضا تزول ولايتهما عنها فأما غير الأب والجد فلا ولاية لأحد عليها سواء كانت بكرا أو ثيبا والأمر إليها تزوج كيف شاءت بنفسها أو توكل في ذلك بلا خلاف بين أصحابنا، غير أن الأفضل لها أن ترد أمرها إلى أخيها، أو إلى ابن أخيها أو عمها أو ابن عمها وليس ذلك شرطا في صحة العقد.
وقال الشافعي: إذا بلغت الحرة رشيدة ملكت كل عقد إلا النكاح، فإنها متى أرادت أن تتزوج افتقر نكاحها إلى الولي، وهو شرط لا ينعقد إلا به بكل حال، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، رشيدة عاقلة أو مجنونة، بكرا كانت أو ثيبا، دنيئة كانت أو غير دنيئة موسرة أو معسرة، فإن نكاحها يفتقر إلى الولي لا يجوز لها أن تتزوج بنفسها، فإن كان لها ولي مناسب مثل الأخ أو ابن الأخ أو العم أو ابن العم أو الأب أو الجد فهو أولى، وإن لم يكن فمولاها المعتق، فإن لم يكن فالحكم والولي يملك أن يزوجها بنفسه، وأن يوكل من يزوجها من الرجال، فإن أذن لها أن تعقد على نفسها لم يجز ذلك.
وكذلك لا يجوز للمرأة أن تزوج غيرها بإذن وليها ولا إذا وكلها رجل بأن تتزوج له وتقبل النكاح فقبلته له لم ينعقد.
وجملته أنه لا ولاية للنساء في مباشرة عقد النكاح ولا وكالة، وبه قال عمر وابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة وعائشة، وروي عن علي عليه السلام، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري، وفي الفقهاء ابن أبي ليلى وابن شبرمة وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغت المرأة رشيدة فقد زالت ولاية الولي عنها كما زالت عن مالها، ولا يفتقر نكاحها إلى إذنه بل لها أن تتزوج وتعقد على نفسها، فإذا تزوجت نظرت، فإن وضعت نفسها في كف ء لزم وليس للولي سبيل إليها، وإن