لا بد من القبض؟ فمنهم من قال: الإذن شرط فيه، ومنهم من قال: لا يفتقر إلى الإذن، وهو الأقوى، لأن إقرار يده عليه بعد العقد دليل على رضاه بالقبض.
إذا وهب للصبي المولى عليه شئ نظر: فإن كان الواهب غير وليه قبل الولي، سواء كان بغير تولية مثل الأب والجد أو بتولية كالوصي، وإن وهب الولي للصبي فإن كان وليا بغير تولية قبلها أيضا، ويصح ذلك كما يصح منه في البيع أن يكون موجبا قابلا، وهذا هو مذهبنا، وإن كان بتولية لم يصح أن يقبلها، كما لا يصح أن يبيع من الصبي شيئا بنفسه أو يشتري منه، وينصب الحاكم أمينا يقبل منه هبته للصبي فإذا قبلها صحت الهبة.
إذا قال: وهبت له هذا الشئ وقبل الهبة وأقبضته إياها، صح العقد، ولزم بإقراره سواء كان الموهوب في يد الواهب أو في يد الموهوب له، لأن كونه في يد الواهب لا يدل على أنه ما أقبضه بعد، لأنه يجوز أن يكون أقبضه ثم رجع إليه بسبب آخر.
فإن قال بعد ذلك: ما كنت أقبضته إياها وإنما كنت وعدته بالقبض، لم يقبل رجوعه عن إقراره، لأنه مكذب نفسه فيما تقدم من إقراره، فإن قال: حلفوه لي أنه كان قد قبضه، فهل يحلف أم لا؟ قيل: إنه يحلف، وهو الصحيح، وفي الناس من قال: إن كان يدعي أن وكيله أخبره أنه أقبضه إياه فأخبر على ذلك الظاهر ثم بان له بعد ذلك أنه ما كان قد أقبضه وكذب في قوله، حلف المقر له بالهبة فأما إذا لم يدع ذلك وكان إقراره بقبض تولاه بنفسه لم يحلف له الموهوب له.
وإذا قال: وهبت هذا الشئ له وخرجت إليه منه، فليس هذا بصريح في الإقرار بالقبض فينظر: فإن كان الموهوب في يد الموهوب له، كان ذلك إقرارا بالقبض ويكون ذلك أمارة على أنه أراد به القبض، وإن كان في يد الواهب لم يلزمه الإقرار بالقبض، ويكون معنى قوله خرجت إليه منه أنه أذن له في القبض ولم يقبض بعد.