ولو قال: وهبته له وملكه، لم يكن إقرارا بلزوم الهبة لأنه يجوز أن يقول ذلك على قول مالك، لأن عند مالك يلزم بنفس العقد ويملك الموهوب، فلا يلزمه الهبة مع احتماله.
ولو قال: وهبت لي هذا الشئ وأقبضتنيه وملكته، فقال: نعم، كان ذلك إقرارا بلزوم الهبة، فكأنه قال: وهبت لك الشئ وأقبضتكه وملكته، لأن لفظ " نعم " يرجع إلى جميع ذلك على وجه التصديق، ولهذا لو قال لرجل: لي عليك ألف درهم، فقال: نعم، كان إقرارا بالألف على نفسه، فكأنه قال: لك علي ألف درهم.
هبة المشاع جائزة سواء كان ذلك مما يمكن قسمته أو لا يمكن قسمته، وفيه خلاف، فإذا ثبت ذلك فإن وهب شيئا مشاعا فلا يخلو: أن يكون مما ينقل ويحول أو مما لا ينقل، مثل أن يهب له نصف دار، فالقبض فيها التخلية، فإذا خلي بينه وبينها فقد حصل القبض، ولزم العقد.
وإن كان مما ينقل فلا بد من القبض، والقبض " النقل والتحويل "، ولا يمكن النقل والتحويل إلا بإذن الشريك، فيقال للشريك: أترضى أن يقبض الموهوب له الكل فيصير نصفه مقبوضا ونصفه وديعة لك عنده؟ فإن أجاب فذاك، وإن أبي قيل للموهوب له: أترضى أن توكل الشريك فيقبض الكل نصفه لك ونصفه له؟ فإن أجاب قبض له، وإن أبي كل واحد منهما نصب الحاكم من يقبض الكل، نصفه قبض هبة ونصفه قبض أمانة للشريك، حتى يتم عقد الهبة بينهما.
إذا وهب رجل شيئا لرجلين، فإن قبلا وقبضا تمت الهبة في الجميع، وإن قبل أحدهما وقبض تمت الهبة في النصف، لأنه بمنزلة العقدين، لأن العقد الواحد مع الاثنين بمنزلة العقدين والصفقتين إذا انفردتا.
النحلة هي العطية، يقال: نحل ونحل ونحلة، قال الله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، أي عطية عن طيب نفس، وأكثر ما يستعمل في عطية الولد،