للتاجر، فإنها لا تقتضي الثواب أيضا لأنها للتحاب والتواد.
وأما الهبة لمن هو فوقه من هبة الرعية لسلطانهم، والفقير للغني، والغلام للأستاذ، فهل يقتضي الثواب أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يقتضي الثواب، والثاني لا يقتضي الثواب، هذا قول مخالفينا.
والذي يقتضيه مذهبنا أنه يقتضي الثواب على كل حال لعموم الأخبار في ذلك، مثل ما رواه أصحابنا، وقد أوردناها في الكتاب الكبير في الأخبار.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها، وروي عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل الهدية ويثيب عليها.
فإذا ثبت هذا فمن قال لا يقتضي الثواب قال: إذا وهب لا يخلو: إما أن يطلق أو يشرط الثواب.
فإن أطلق فإنها تلزم بالتسليم ولا رجوع له فيها، وإن أثابه الموهوب له كان ذلك ابتداء هبة، ولا يكون بدلا في الحقيقة، ولا تتعلق إحدى الهبتين بالأخرى، فإذا وقع الاستحقاق في أحدهما واسترجعت لم يؤثر ذلك في الأخرى.
وإن شرط الثواب لم يخل: إما أن يشرط ثوابا مجهولا أو معلوما، فإن شرط ثوابا مجهولا كان العقد باطلا، لأنه تمليك عين ببدل مجهول، وذلك لا يجوز كالبيع بثمن مجهول، وإن شرط ثوابا معلوما قيل فيه قولان: أحدهما يصح، والآخر لا يصح، فمن قال: لا يصح، كان للواهب استرجاع الهبة إن كانت باقية، وإن كانت تالفة فقيمتها، ومن قال يصح قال: فهو كالبيع في جميع الأحكام في الخيار والاستحقاق وغيرهما.
ومن قال: الهبة تقتضي الثواب، فلا يخلو: إما أن يطلق أو يشرط الثواب.
فإن أطلق فأي ثواب يقتضي؟ قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: يثيبه حتى يرضى الواهب، لما روى أبو هريرة أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وآله ناقة فأعطاه ثلاثا فأبى فزاده ثلاثا فلما استكمل تسعا قال: