يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يقول: هذه الدار لك عمرك ولعقبك من بعدك، أو يطلق ذلك، أو يقول: هذه الدار لك عمرك فإذا مت رجعت إلي.
فإذا قال: لك عمرك ولعقبك من بعدك، فإنه جائز لما رواه جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنما هي للذي يعطاها لا يرجع إلى الذي أعطاها فإنه أعطي عطاء وقعت فيه المواريث.
وأما إذا أطلق ذلك ولم يذكر العقب، فهل يصح أم لا؟ قال قوم: يصح ويكون له ولعقبه من بعده، مثل القسم الأول، وقال آخرون: إن العمرى تصح ويكون للمعمر حياته، فإذا مات رجعت إلى المعمر أو إلى ورثته إن كان مات، وهذا هو الصحيح على مذهبنا، ومنهم من قال: العمرى تبطل.
الرقبى أيضا جائزة عندنا وصورتها صورة العمرى إلا أن اللفظ يختلف، فإنه يقول: أعمرتك هذه الدار مدة حياتك أو مدة حياتي، والرقبى يحتاج أن يقول:
أرقبتك هذه الدار مدة حياتك أو مدة حياتي، وفي أصحابنا من قال: الرقبى أن يقول: جعلت خدمة هذا العبد لك مدة حياتك أو مدة حياتي، وهو مأخوذ من رقبة العبد، والأول مأخوذ من رقبة الملك.
وقال قوم: الرقبى نوع من الهبات تفتقر صحتها إلى الإيجاب والقبول، ولزومها إلى القبض مثل العمرى، وقال قوم: الرقبى باطلة لأن صورتها أن يقول:
أرقبتك هذه الدار فإن مت قبلك كانت الدار لك وإن مت قبلي كانت راجعة إلي وباقية على ملكي كما كانت، وهذا تعليق ملك بصفة، وذلك لا يصح، كما إذا قال: إذا جاء رأس الشهر فقد وهبت لك كذا أو إن قدم الحاج، وهذا الذي ذكره هذا القائل مذهبنا أيضا لإجماع الفرقة على ذلك، غير أنها تلزم مدة حياة من علقها به، ويرجع ملكا بعد موته على ما شرط.
وفرق قوم بين العمرى والرقبى بأن الرقبى إذا مات المرقب استقرت الرقبى للمرقب، فأما إذا مات بعد ذلك لا يرجع إلى ورثة المرقب، والعمرى فإن المعمر إذا مات قبل المعمر ثم مات المعمر رجعت إلى ورثة المعمر، فتفرق العمرى