يثب منها، فأثبت للواهب حق الرجوع قبل أن يثاب، وأسقط حقه من الرجوع بالثواب، وجعله ثوابا على الحقيقة.
وروي عن عائشة، أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل الهدية ويثيب عليها.
وهو قول علي عليه السلام، وعمر، وفضالة بن عبيد.
فروي عن علي عليه السلام أنه قال: من وهب هبة يرجو ثوابها فهي رد على صاحبها ما لم يثب عليها.
وروي مثله عن عمر.
وروي: أن رجلين اختصما إلى فضالة بن عبيد، فقال أحدهما: وهبت لهذا بازي فلم يثبني عليه. فقال: رد عليه بازه أو أثبه عنه. ولا يعرف لهم مخالف.
مسألة 14: إذا ثبت أن الهبة تقتضي الثواب، فلا يخلو إما أن يطلق، أو يشترط الثواب، فإن أطلق فأي ثواب تقتضي منه، فإنه يعتبر ثواب مثله على ما جرت به العادة.
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال، على قوله أنها تقتضي الثواب.
أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني يثيبه حتى يرضى الواهب.
والثالث: يثيبه بقدر قيمة الهبة أو مثلها.
دليلنا: أن أصل الثواب إنما أثبتناه في الهبة بالعادة، فكذلك مقدارها وإن قلنا أنه لا مقدار فيها أصلا، وإنما هي ما يثاب عنها قليلا كان أو كثيرا كان قويا، لعموم الأخبار وإطلاقها.
مسألة 15: إذا شرط الثواب، فإن كان مجهولا صح، لأنه وافق ما يقتضيه الإطلاق. وإن كان معلوما كان أيضا صحيحا، لأنه لا مانع يمنع منه.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: يصح، لأنه إذا صح مع الجهل، فمع العلم أولى.