فأما إذا أقر له بهبة مال ثم اختلفا بعد ذلك فقال الموهوب له: أقررت بالهبة بعد القبض، وقال الواهب: ما كنت أقبضت الموهوب حين أقررت، فأنكر القبض وادعاه الموهوب له، كان القول قول الواهب لأنه اختلاف في القبض والإذن فيه، والأصل عدم القبض وعدم الإذن، ولا فرق بين أن يكون الموهوب في يد الواهب أو في يد الموهوب له، لأنه قد يقبضه بغصب وغير ذلك فيكون في يده لا يدل على صحة القبض.
ومن الناس من قال: إذا كان الموهوب في يد الموهوب منه وقلنا: إن الموهوب إذا كان في يد الموهوب منه لا يفتقر قبضه إلى الإذن فيه، كان القول قول الموهوب له، والصحيح الأول لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض عن رضا الواهب.
إذا قال: لفلان علي ألف درهم إذا جاء رأس الشهر، كان ذلك إقرارا، وإذا قال: إذا جاء رأس الشهر فلفلان علي ألف درهم، لم يكن ذلك إقرارا.
والفرق بينهما أن في الإقرار الأول أقر مطلقا ثم ادعى التأخير بعد ذلك فصح الإقرار، وكان معنى قوله: " إذا جاء رأس الشهر " أنه علق بمجيئه، لأنه يجوز أن يكون مؤجلا عليه إلى رأس الشهر، وفي المسألة الثانية قدم التعليق بالصفة، ثم أقر، والإقرار لا يتعلق بالصفات المستقبلة، فلم يصح، والصحيح أنه لا فرق بين المسألتين.
إذا باع من عبده نفسه فقال: بعتك نفسك، قال قوم: إنه يصح، وقال آخرون: لا يصح، فمن قال: يصح، فلا تفريع، ومن قال: لا يصح، فإذا ادعى السيد ذلك على العبد فإن صدقه العبد عتق ولزمه الثمن، وإن كذبه كان القول قوله مع يمينه، فإذا حلف عتق بإقرار السيد ولم يلزمه المال لأن إقراره ودعواه تضمن عتقه فلذلك لزمه.
وكذلك إذا قال: بعتك هذا العبد واشتريته وأعتقته، فحلف المشتري أنه ما اشتراه سقطت الدعوى، وعتق العبد بإقراره، وكذلك إذا قال: بعتك عبدك واشتريته مني فعليك الثمن، فحلف المشتري سقطت الدعوى، وعتق العبد،