إذا كان لرجل أمة فوطئها رجل فاختلفا فقال السيد: بعتكها فالجارية مملوكة لك وعليك الثمن، وقال الواطئ: زوجتنيها فالجارية لك وعلي مهرها، فإن كل واحد منهما يدعي على صاحبه عقدا وينكر دعواه عليه، فلكل واحد منهما أن يحلف وينفي بيمينه ما يدعي صاحبه عليه، فإن حلف سيدها أنه ما زوجها وحلف الواطئ أنه ما اشتراها رجعت الجارية إلى سيدها لأن الواطئ حلف أنه ما اشتراها فسقط الشراء، وحلف سيدها أنه ما زوجها فسقط النكاح، وفي كيفية الرجوع وجهان:
أحدهما: أنه يرجع إليه كما يرجع المبيع إلى البائع بإفلاس المشتري بثمنه، لأنه تعذر عليه الوصول إلى الثمن، فعلى هذا يحتاج سيدها أن يقول:
فسخت العقد، كما يحتاج إلى ذلك البائع في استرجاع المبيع من المشتري المفلس، فإذا فسخ حصلت الجارية ملكا له ظاهرا وباطنا.
والثاني: أنها ترجع إليه، بمعنى رجوع من عليه الدين ولا يقضيه، لأن له عليه ثمن الجارية وقد امتنع من أدائه بيمينه، وقدر هو على مال له فعلى هذا يبيعها، فإن كان ثمنها وفق حقه أخذه، وإن كان أقل من حقه كان الباقي في ذمته، وإن كان أكثر من حقه احتال في رد ذلك على الواطئ، هذا إذا حلفا معا.
فأما إن حلف سيدها أنه ما زوجها، ونكل الواطئ عن اليمين، ردت عليه فيحلف أنه باعها منه، فإذا حلف على ذلك ثبتت الجارية في الحكم ملكا للواطئ، وكان عليه الثمن له، لأنه قد أثبت بيمينه أنه قد اشتراها منه، وإن حلف الواطئ أنه ما اشتراها ونكل سيدها عن اليمين ردت على الواطئ فحلف أنه تزوجها، ثبتت الزوجية ورجعت الجارية إلى سيدها فكان له ملك رقبتها، فإذا ارتفع النكاح بينها وبين الواطئ جاز لسيدها وطؤها في الحكم فأما في الباطن فهو على ما يعرفه من نفسه، فإن كان صادقا في دعواه لم يحل له وطؤها، وإن كان كاذبا في دعواه لا يحل له وطؤها إلا على ما نبينه، وأما المهر فإنه مقر له به، وهو لا يدعيه، هذا إذا وطئها ولم يحبلها.