فأما إذا أحبلها وولدت منه فهو مدع أن الأمة ملك للواطئ، وأن الولد انعقد حرا، وأن الجارية صارت أم ولد له، وأن له عليه الثمن، والواطئ يدعي أنها زوجته وأنها ملك لسيدها، فعندنا أن الولد لا حق به وهو حر، وعند المخالف الولد رق له.
فإذا ثبت هذا فإن الولد حر والجارية أم ولد في حق السيد لأن ذلك إقرار على نفسه بما يضره فقبل منه، ولا يستحق الثمن عليه إلا ببينة، والقول قول الواطئ مع يمينه أنه ما اشتراها منه، فإذا حلف برئ من الثمن.
وهل للسيد أن يرجع عليه بشئ؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يستحق الرجوع على الواطئ بأقل الأمرين من ثمن الجارية أو مهرها، فإنه واجب عليه باتفاقهما، والثاني لا يستحق عليه شيئا، لأنا حكمنا بعدم البيع بيمين الواطئ والنكاح الذي اعترف به الواطئ، والمهر الذي أقر به له لا يدعيه فيثبت له، وهل يحل للواطئ وطء هذه الجارية أم لا؟ نظر: فإن كان يعلم أنه صادق فيما يدعيه من النكاح حل له ذلك فيما بينه وبين الله تعالى لأنها امرأته ويمنع منه في الحكم، هذا إذا حلف الواطئ ونكل السيد.
فأما إذا حلف السيد ونكل الواطئ حكم عليه بثمن الجارية، وحكم بالجارية للواطئ، فأما إذا حلف كل واحد منهما لم ترجع الجارية إلى البائع، لأنه أقر بما يمنع رجوعها إليه وهل يستحق على الواطئ شيئا أم لا؟ على الوجهين: أحدهما أنه يستحق أقل الأمرين من الثمن والمهر، والثاني لا يستحق شيئا لما ذكرناه.
وأما النفقة، فإن نفقة الولد على الأب وهو الواطئ، ونفقة الأمة قيل فيه وجهان: أحدهما يكون على سيدها دون الواطئ لأن إقراره مقبول فيما يضره دون ما ينفعه، والثاني يكون ذلك في كسبها، وما فضل عن كسبها بعد نفقتها يكون موقوفا لأن كل واحد منهما يقر بأنه لصاحبه.
فأما إذا ماتت الجارية قبل موت الواطئ كان ما في يدها من كسبها موقوفا بعد أن يأخذ السيد منه مقدار الثمن، لأنه يستحقه على اليقين، لأنها إن كانت له