بين أن يقبضها فيمضي الهبة، وبين أن يمسكها فيرد الهبة، والفرق بين المسألتين أنه إذا قال: في ميراثي من أبي، فقد أضاف الميراث إلى نفسه وجعل له منه جزءا، وإذا جعل له جزءا من ماله لم يكن ذلك إلا على وجه الهبة، وأما إذا لم يضفه إلى نفسه فما جعل له جزءا من ماله، وإنما أقر له بدين في تركة أبيه، وكذلك إذا قال: له في هذه الدار نصفها أو من هذه الدار نصفها، كان إقرارا، ولو قال: له في داري نصفها أو من داري نصفها، كان ما أقر به منها هبة للمقر له، والفرق بينهما ما ذكرناه.
وإذا قال: له في مالي ألف أو له من مالي ألف، فمن الناس من قال: إنه مثل ما تقدم، ومنهم من قال: إنه إذا قال: له من مالي، كان ذلك إضافة للمال إلى نفسه والألف جعله خبرا، وإذا قال: له في مالي ألف، احتمل أن يكون ماله ظرفا للألف الذي ذكره، ويجوز أن يكون ظرفا له، وهو أن يكون له ألف يختلط بماله، ويفارق إذا قال: له في داري نصفها، لأن النصف الذي يبقى له لا يسمى دارا، وإذا قال: له في مالي ألف درهم، فما يبقى بعد الألف يسمى مالا، هذا كله إذا لم يقل بحق واجب.
فإن قال بحق واجب فسواء أضافه إلى نفسه أو لم يضفه فإنه يكون إقرارا ولا يكون هبة، لأن الهبة لا تكون حقا واجبا.
إذا قال: له عندي ألف درهم عارية، قيل فيه وجهان: أحدهما يصح عارية الدراهم، وهو الصحيح، والثاني لا يصح، فإذا أقر بألف وجعلها عارية قبل منه ذلك، وتكون مضمونة على كل حال، لأن الدراهم والدنانير مضمونة في العارية بلا شرط، وما عداهما لا يضمن إلا بشرط.
إذا قال: لك علي ألف درهم إن شئت، لم يكن إقرارا لأن الإقرار إخبار عن حق واجب، وما كان واجبا عليه قبل إقراره لا يجوز أن يتعلق وجوبه بشرط مستقبل، وكذلك إذا قال: لك علي ألف درهم إن قدم زيد أو إن قدم الحاج أو إن رضي فلان أو إن هوى فلان، فكل ذلك لا يكون إقرارا لما قلناه، وكذلك إن