وقوله: وأغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، وقوله لماعز بن مالك:
الآن أقررت أربعا قمن، وأيضا فإنه رجم الغامدية والجهنية بإقرارهما كما رجم ماعزا بإقراره.
فأما الإجماع فإنه لا خلاف في صحة الإقرار ولزوم الحق به، وإنما اختلفوا في تفصيله، ونحن نذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
الناس في الإقرار على ضربين: مكلفون وغير مكلفين.
فأما غير مكلفين فمثل الصبي والمجنون والنائم فهؤلاء إقرارهم لا يصح لقوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه، ورفع القلم عنهم يقتضي إلا يكون لكلامهم حكم.
وأما المكلفون فعلى ضربين: ضرب مطلق التصرف وضرب محجور عليه في التصرف.
فالمطلق التصرف إقراره يصح على نفسه بالمال والحد سواء كان عدلا أو فاسقا بلا خلاف فيه.
وأما المحجور عليهم فهم أربعة: المحجور عليه لسفه، والمحجور عليه للرق، والمحجور عليه للفلس، والمحجور عليه للمرض.
فأما الحجور عليه للسفه فإن إقراره في ماله لا يصح وإن أقر على نفسه بحد قبل، وإن أقر بسرقة قبل إقراره بالقطع، وهل يقبل في المال؟ على قولين:
أحدهما يقبل فيهما ولا يبعض إقراره، والثاني يبعض إقراره فيقبل في الحد ولا يقبل في المال، كما تبعض شهادة الرجل والمرأتين بالسرقة فيقبل في المال ولا يقبل في الحد، وهذا هو الأقوى، وإن أقر بخلع أو طلاق قبل ذلك لأن ذلك يصح منه.
وأما المحجور عليه للرق فحكمه حكم المحجور عليه للسفه، إلا في شئ واحد، وهو أن إقرار العبد يلزمه في ذمته فإذا أعتق طولب به، وعندنا أنه لا يقبل إقراره بالحد لأن في ذلك إتلاف مال الغير الذي هو السيد.