وأما المحجور عليه لفلس فإن إقراره مقبول بكل حال، وهل يشارك المقر له سائر غرمائه في المال الذي في يده أو يكون حقه في الفاضل؟ قيل: فيه قولان، بينا الصحيح منهما في كتاب التفليس.
وأما المحجور عليه لمرض فإن إقراره مقبول على ما نبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
إذا أقر الرجل إقرارا مبهما مثل أن يقول: لفلان علي شئ، يصح ذلك الإقرار بلا خلاف فيه، ولا تقبل الدعوى المبهمة لأن الدعوى حق للمدعي والإقرار حق على المقر، فما كان حقا عليه فهو أغلظ مما كان حقا له، ولأنا إذا لم نسمع الدعوى المبهمة أمكن المدعي أن يدعي دعوى معلومة لأن هناك داعيا يدعوهم إلى تصحيح دعواه، وليس كذلك الإقرار فإنا لا نأمن ألا يقر ثانيا إذا رددنا إقراره الأول فلهذا سمعناه مبهما.
فإذا ثبت هذا، فإنا نرجع إلى المقر في تفسيره لأنه أجمل ذلك فكان الرجوع إليه في إجماله وفي تفسيره، كأوامر صاحب الشرع إذا أوردت مجملة كان له الرجوع إليه وإلى ما ثبت عنه من ألفاظه وأفعاله من تفسيرها، فإذا طالبناه بالتفسير لم يخل من أحد أمرين: إما أن يفسر أو لا يفسر.
فإن لم يفسر قلنا له: إن فسرت وإلا جعلناك ناكلا ورددنا اليمين على المقر له فيحلف على ما يدعيه ويلزمك، فإن لم يفسر جعلناه ناكلا وحلف المقر له وثبت له ما يدعيه، وإن نكل عن اليمين، قلنا لهما: انصرفا.
وأما إذا فسره فإنه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يفسره بما يتملك أو بما لا يتملك، فإن فسره بما يتملك لم يخل من أحد أمرين:
إما أن يفسره بما يتمول في العادة مثل أن يفسره بدينار فما دونه أو بدرهم فما دونه، أو بجنس آخر من الأجناس التي يتمول في العادة قليلها وكثيرها قبل تفسيره بذلك، فإن صدقه المقر له على ذلك فذاك، وإن كذبه لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكذبه في المقدار أو في الجنس.