يجريان مجرى واحدا في أنه يجوز أن يكونا صادقين أو كاذبين أو يكونا صادقين ويكون كاذبا، ولأن حقيقة مبلغ المال لا يعرفه إلا صاحبه، وربما خفي على غيره، فلأجل ذلك لم يحكم إلا بما أقر به من المقدار الذي اعتقده، ويكون القول قوله مع يمينه في الزيادة إن ادعى المقر له.
إذا أقر أنه غصب فلانا شيئا وفسر ذلك بما يتمول قبل منه، وإن فسره بما لا يتمول ولا ينتفع به كالخنزير والدم لا يقبل منه لأنه فسره بما لا يتمول، وإن فسره بما لا يتمول لكنه ينتفع به كالكلب والسرجين فعلى ما مضى من الخلاف، وإن قال: أردت نفسك لأني أخذتك يوما وأدخلتك الدار على وجه الغصب، لم يقبل منه، لأن ذلك ليس بغصب في الحقيقة لأن الحر لا يثبت عليه يد الغاصب فقد فسر الغصب بما ليس بغصب فلذلك لم يقبل منه.
وإذا قال: له علي دراهم، لزمه ثلاثة دراهم لأنها أقل الجمع، وإن قال:
دراهم عظيمة، فعلى ما مضى من الخلاف، وإذا قال: لفلان علي ألف، لزمه ألف مبهم، وله أن يفسرها بما شاء من الأموال ولو بحبات الطعام، فإن فسرها بكلاب فعلى ما مضى.
وأما إذا قال: لفلان علي ألف درهم، لزمه ألف درهم لأنه فسر الألف بإضافتها إلى الدرهم، وأما إذا قال: له علي ألف ودرهم، لزمه الدرهم ويرجع إليه في تفسير الألف فبأي شئ فسرها قبل منه، وكذلك إذا قال: مائة ودرهم أو عشرة ودرهم، فالحكم واحد، وكذلك إذا قال: ألف ودار وألف وعبد، أو قال:
وثوب، وإن قال: مائة وخمسون درهما، كان ذلك إقرارا بمائة وخمسين درهما لأن درهما في آخره يكون تمييزا للعددين معا، وفي الناس من قال: إنه يكون تفسيرا للخمسين والمائة على إبهامها، والصحيح الأول، لأنا لو جعلنا ذلك تفسيرا للثاني بقي الأول بلا تفسير وذلك لا يجوز، ويفارق ذلك إذا قال: له ألف ودرهم، لأن قوله ودرهم معه " واو العطف "، فلا يجوز أن يكون تفسيرا للألف لأن المفسر لا يكون كذلك.