يصبر العطشان في الحر وبارد المزاج يصبر على الجوع أكثر من حارة.
ولو حبس الجائع حتى مات جوعا فإن علم جوعه لزمه القصاص كما لو ضربه مريضا ضربا يقتل المريض دون الصحيح، وإن جهله ففي القصاص إشكال، فإن نفيناه ففي إيجاب كل الدية أو نصفها إحالة للهلاك على الجوعين إشكال.
د: أن يسقيه سما قاتلا أو يطعمه شيئا قاتلا فيموت به فهو عمد، ولو كان مما يقتل كثيره فأطعمه الكثير فكذلك، وإن أطعمه القليل فاتفق الموت به فهو عمد إن قصد القتل وإلا فلا ويختلف باختلاف الأمزجة.
ه: أن يطرحه في النار أو الماء فيموت فهو عمد إن لم يتمكن من التخلص لكثرة الماء والنار أو لضعفه عن التخلص بمرض أو صغر أو رباط أو منعه عن الخروج أو كان في وهدة لا يتمكن من الصعود أو ألقاه في بئر ذات نفس عالما بذلك فمات، ولو ألقاه في ماء يسير يتمكن من الخروج عنه فلم يخرج اختيارا حتى مات فلا قود ولا دية لأن الموت حصل بلبثه وهو مستند إليه لا إلى الجاني.
وإن تركه في نار يتمكن من التخلص منها لقلتها أو لكونه في طرفها يمكنه الخروج بأدنى حركة فلم يخرج فلا قصاص وفي الضمان إشكال أقربه السقوط إن علم أنه ترك الخروج تخاذلا، ولو لم يعلم ضمنه وإن قدر على الخروج لأن النار قد ترعبه وتدهشه وتشنج أعصابه بالملاقاة فلا يظفر بوجه المخلص.
ولو لم يمكنه الخروج إلا إلى ماء مغرق فخرج منها إليه فغرق ففي الضمان على من ألقاه في النار إشكال، ولو لم يمكنه إلا بقتل نفسه فالإشكال أقوى والأقرب الضمان لأنه صيره في حكم غير مستقر الحياة، ولو غرقه آخر لقصد التخليص من التلف أو من زيادة الألم فالأقرب الحوالة بالضمان على الأول فإن كان وارثا منع من الإرث في صورة ضمان الثاني، ويحصل العلم بقدرته على الخروج بقوله: أنا قادر على الخروج، أو بقرائن الأحوال المعلومة.
ولو جرحه فترك المداواة فمات ضمنه لأن السراية مع ترك المداواة من الجرح المضمون بخلاف الملقى في النار مع القدرة على الخروج إذا تركه تخاذلا لأن التلف