هكذا أورده شيخنا في نهايته، وتحرير الفتيا بذلك أن الزوج يجب عليه تسليم النفقة بالمعروف إلى المرأة ثم يقضي إذا استدانت، وأن قضاء الدين واجب عليها دون الزوج، والغريم هي دونه وهي المطالبة بالدين دون الزوج.
ومن له على غيره مال لم يجز له أن يجعله مضاربة إلا بعد أن يقبضه ثم يدفعه إليه إن شاء للمضاربة، لأن مال المضاربة والمضاربة لا تكون إلا بالأموال المعينة، ولا تكون بما في الذمم لأن ما في الذمة غير معين ولا يتعين إلا بعد قبضه وتعيينه لأن الانسان مخير في جهات القضاء من سائر أمواله، وهذا إجماع منعقد من أصحابنا.
فعلى هذا التحرير الذي لا خلاف فيه بيع الدين على غير من هو عليه لا يصح، لأن البيوع على ضربين: بيوع الأعيان وبيوع ما في الذمم، وبيوع الأعيان على ضربين: بيع عين مرئية مشاهدة فلا يحتاج إلى وصفها، وبيع عين غير مشاهدة يحتاج إلى وصفها وذكر جنسها - وهذا البيع يسميه الفقهاء بيع خيار الرؤية - ولا بد أن يكون ملك جنسها في ملك البائع في حال عقد البيع إلا أنها غير مشاهدة فيصفها ليقوم وصفها مقام مشاهدتها، وهي غير مضمونة إن هلكت قبل التسليم على البائع.
فبيع الدين بيع عين غير مشاهدة مرئية بغير خلاف ولا بيع عين معينة موصوفة في ملك البائع، فإنه لا يصح له وصفها لأنا قد قدمنا أن الدين عينه غير معين في ملك صاحبه بل لا يتعين إلا بقبضه له، وقلنا: إن من عليه الدين مخير في جهات القضاء من سائر أمواله فلا يتقدر أن تكون عين شئ له وهي بعينها لمن له عليه الحق، وإن كان على الجملة لصاحب الدين على المدين حق من جنس من أجناس من الأموال وليس له عليه عين معينة من الأعيان، والشئ المبيع بيع خيار الرؤية يحتاج إلى أن يكون ملك جنسه معينا في ملك بائعه ويذكر جنسه ويصفه لأنه من جملة بيوع الأعيان.
فأما الضرب الآخر من البيوع الذي هو في الذمة هو المسمى بالسلم - بفتح السين واللام - والسلف، فهذا مضمون على بائعه يحتاج إلى الأوصاف والآجال المحروسة من الزيادة والنقصان إما بالسنين والأعوام أو بالشهور والأيام، ومن شرط صحته قبض رأس