الطوسي بصحة ضمان ما قامت به البينة نصا فمن أين أورده في نهايته وذهب إليه وأفتى به وعول عليه؟
قلنا: هذا أدل دليل وأوضح قيل في اعتذارنا له فيما يورده في نهايته من أخبار الآحاد، وأنه يوردها إيرادا من طريق أخبار الآحاد بحيث لا يشذ شئ من الأخبار لا اعتقادا على ما قاله في عدته على ما أسلفنا القول في معناه، وأنه غير عامل بأخبار الآحاد وإلا إن كان عاملا بها فيلزمه العمل بما أورده في نهايته، وهو قد دفع وقال: لست أعرف بذلك نصا، فيكون مناقضا لأقواله.
وأما الأعيان المضمونة مثل العين المضمونة في يد الغاصب والعارية في يد المستعير إذا شرط ضمانها فهل يصح ضمانها عمن هي في يده أم لا؟ الصحيح أنها يصح ضمانها لأنها مضمونة.
ومتى كان لرجل على رجلين ألف درهم، على كل واحد منهما خمس مائة، وضمن كل واحد منهما صاحبه، تحول الحق الذي على كل واحد منهما إلى صاحبه وهو خمس مائة إلا أن قبل الضمان كان له دين الأصل وبعد الضمان دين الضمان، وإن قضى أحدهما الألف عن نفسه وعن صاحبه برئا جميعا لأنه يكون قد قضى دين غيره وذلك صحيح، وإن أبرأه عن الألف برئ مما عليه ولا يبرأ الآخر لأنه لم يبرئه، ومتى قضى خمس مائة لم يقع ذلك إلا عن الخمس مائة التي تحولت إليه بالضمان لأن الخمس مائة التي عليه انتقلت عنه إلى ذمة صاحبه بالضمان على ما قررناه، هذا إذا ضمنا في حالة واحدة.
فأما إن ضمن أحدهما ما على الآخر برئ المضمون عنه وصار الألف جميعا لازما للضامن خمس مائة دين الأصل وخمس مائة دين الضمان، فإن عاد بعد ذلك المضمون عنه وضمن صاحبه الأول الذي هو الضامن فقد تحول وانتقل الألف جميعا من ذمة الأول إلى ذمة الأخير، وعلى هذا الاعتبار لأنا قد بينا أن بالضمان عند أصحابنا ينتقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن فليس له مطالبة المضمون عنه بحال، وأصحابنا يعتبرون في صحة الضمان أن يكون الضامن مليا بما ضمن وقت الضمان أو غير ملي مع علم المضمون