بذلك إذا اتفقا على التأخير والأجل فلا بد ولا يصح إلا بأجل محروس على ما قدمناه، فأما إذا اتفقا على التعجيل فيصح الضمان من دون أجل وكذلك إذا أطلقا العقد، وإلى هذا القول ذهب شيخنا أبو جعفر في مبسوطه وهو الحق اليقين لأنه لا يمنع منه مانع، ومن ادعى خلافه يحتاج إلى دليل ولن يجد.
ومتى أدى الضامن الدين سقط عنه الضمان، وهل يرجع على المضمون عنه أم لا؟
فيه أربع مسائل:
إحداها: أن يكون قد ضمن بأمر من عليه الدين وأدى بأمره.
والثانية: أنه لم يضمن بأمره، ولم يؤد بأمره.
الثالثة: أن يكون ضمن بأمره وأدى بغير أمره.
الرابعة: أن يكون ضمن بغير أمره وأدى بأمره، فإذا ضمن بأمره وقضى بأمره فإنه يرجع عليه به بلا خلاف.
وأما إذا ضمن بغير إذنه وأدى بغير إذنه وأمره فإنه يكون متبرعا بذلك فلا يرجع عليه بغير خلاف بين أصحابنا لأنه يكون قد قضى دين غيره بغير إذنه فلا يرجع عليه به.
وأما إذا ضمن عنه باذنه وأدى بغير إذنه فإنه يلزمه الوفاء، لأنا قد بينا أن بنفس الضمان انتقل الدين إلى ذمته فلا يحتاج في قضائه إلى إذنه بمقدار ما أدى الضامن إن كان بمقدار الحق، وإن كان ما أدى أنقص من الحق فلا يلزمه إلا بمقدار المؤدى فحسب، وبه وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار فمن ذلك ما أورده شيخنا أبو جعفر في كتاب تهذيب الأحكام في باب الصلح:
محمد بن خالد عن ابن بكير عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل ضمن ضمانا ثم صالح على بعض ما صالح عليه؟ قال: ليس له إلا الذي صالح عليه، وأيضا فشيخنا أبو جعفر قد حققه في مبسوطه وذهب إليه، وأيضا فالمضمون عنه أمر الضامن بالضمان عنه فقد جعله كالوكيل له في قضاء دينه وإن لم يكن وكيلا بماله على الحقيقة فهو كالوكيل فيده نائبة عن يد موكله فلا يرجع الوكيل على موكله إلا بما غرمه وصالحه عليه فحسب.