فإذا حجر عليه تعلق بحجره أحكام ثلاثة:
أولها: تعلق ديونهم بالمال الذي في يده.
وثانيها: منعه من التصرف في ماله بما يبطل حق الغرماء كالبيع والهبة والإعتاق والمكاتبة والوقف، ولو تصرف لم ينفذ تصرفه لأن نفوذه يبطل فائدة الحجر عليه، ويصح تصرفه فيما سوى ذلك من خلع وطلاق وعفو عن قصاص ومطالبة به وشراء بثمن في الذمة، ولو جنى جناية توجب الأرش شارك المجني عليه الغرماء بمقداره لأن ذلك حق ثبت على المفلس بغير اختيار صاحبه، ولو أقر بدين وذكر أنه كان عليه قبل الحجر قبل إقراره وشارك المقر له سائر الغرماء لأن إقراره صحيح، وإذا كان كذلك فظاهر الخبر في قسمة ماله بين غرمائه يقتضي ما ذكرناه فمن خصصه فعليه الدليل.
وثالثها: أن كل من وجد عين ماله من غرمائه كان أحق بها من غيره بدليل إجماع ولا تصير الديون المؤجلة على المفلس حالة بحجر الحاكم عليه للحالة لأن الأصل كونها مؤجلة وعلى من ادعى أنها تصير حالة الدليل.
ويسمع البينة على الإعسار بدليل إجماع الطائفة ولأنها ليست على مجرد النفي وإنما تتضمن إثبات صفة له، ويجب سماعها في الحال ولا يقف ذلك على حبس المعسر بدليل الاجماع المشار إليه.
وإذا ثبت إعساره بالبينة أو صدقة في دعوى ذلك الغرماء لم يجز للحاكم حبسه ووجب عليه المنع من مطالبته وملازمته إلى أن يستفيد مالا بدليل الاجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع لغرماء الرجل الذي أصيب بما ابتاعه من الثمار: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك، ولم يذكر الملازمة.
وليس للغرماء مطالبة المعسر بأن يؤجر نفسه ويكتسب لإيفائهم بدليل ما قدمناه في المسألة الأولى سواء، بل هو إذا علم من نفسه القدرة على ذلك وارتفاع الموانع منه فعله ليبرئ ذمته.
وعلى الحاكم إشهار المفلس بدليل الاجماع ليعرف فلا يعامله إلا من رضي بإسقاط