فالشارع لا يبيح التصرف في مال الغير. ومن هنا لا يجوز للمالك الحقيقي أن يبيح ما لم يبحه الشارع، وعليه فالإباحة الشرعية لا تشمل المورد، فليس للمباح له الهبة، لأن المفروض عدم شمول الإباحة الشرعية لما لم يكن شرعيا، فالتصرف في مال الغير بدون إذنه غير جائز والإباحة الشرعية لا تشمله، والهبة من هذا القبيل.
هذا، وبناءا على ما ذكره الشيخ " قده " من أن الراجع هو الواهب لا المالك،، لا بد من ملكية الواهب للمال آنا ما. لما ذكرنا من عدم تشريع الشارع نقل مال الغير بدون رضاه وإذنه.
على أن المعاطاة لزومها بالهبة وكون العوض ملكا للمالك الأول يستلزم دخول العوض في ملك من لم يخرج المعوض عن ملكه. وهذا الاشكال وارد على الشيخ، ودفعه (وتمامية لزوم المعاطاة بالهبة بمجرد هبة المباح له كما ذكر قده) يتوقف على الالتزام بكون المال ملكا للواهب آنا ما قبل الهبة.
قال الشيخ " قده ": اتجه الحكم بجواز التراد..
أقول: هل التراد بنفس الرجوع أو أنه يرجع إلى ملكه ثم يكون التراد؟ إن أراد الأول فهو ليس ترادا، لأن التراد لا يتحقق بمجرد الرجوع عن الهبة، بل التراد يتحقق بالإضافة إلى المعاطاة، مع أن الرجوع لا بد أن يكون من الواهب. وثالثا إن هذه الملكية متجددة وهي غير الأولى. ورابعا إن دليل تصرفه حينئذ - على مبنى الشيخ - هو قاعدة السلطنة لا أدلة التراد.