(الوجه الرابع) أن يقصد كل منهما الإباحة بإزاء إباحة الآخر، فكل منهما يقصد إباحة جميع التصرفات، أعم من أن يبيح بداعي الإباحة أو أن تكون إباحة معوضة.
هذا، وقد استشكل الشيخ " قده " في هذين الوجهين الأخيرين من الوجوه الأربعة فقط، من جهة عدم جواز إباحة جميع التصرفات حتى الموقوفة على الملك، كما أن السيد " قده " صور في المقام وجوها أخرى وصححها جميعا، وإنما أشكل فيها من الجهة المذكورة، لأن هذا النوع من التصرف لا يسوغ لغير المالك، وإذنه ليس مشرعا.
أقول: إنهم تعرضوا لهذا الاشكال، ولم يتعرضوا لاشكال التمليك بإزاء التمليك. ويمكن أن يقال في دفعه: بأنه ليس المراد من ذلك إلا لحاظ أن المملك يملك مع لحاظ تحقق تمليك الآخر، أي أن المراد من التمليك هنا هو التمليك المقيد بتعقب تمليك المالك الآخر، فلو لم يتحقق تمليك الثاني لم يترتب عليه أثره لعدم لحاظه حينئذ، نظير المقدمة الموصلة التي ذكرها صاحب الفصول.
وقد أشكل المحقق الأصفهاني " قده " على قول الشيخ في الوجه الثاني " فيكون تمليك بإزاء تمليك، فالمقابلة بين التملكين لا الملكين، والمعاملة متقومة بالعطاء من الطرفين.. " بما حاصله: إن أراد أنه لما أعطى الأول ولم يعط الثاني فملك الثاني لم يكن ملكا للأول فهو صحيح، لأن المفروض أن هذا ملكه بإزاء تمليك ذاك، فما لم يملك لم يكن ملكه، وإن كان غرضه أن مال الأول ليس ملكا للثاني فهو مخدوش،