وأما اعتبار الاسلام فالظاهر عدم الخلاف فيه في الوصاية للمسلم واستدل عليه بقصوره عن منصب الولاية على المسلم إذ المؤمنون بعضهم أولياء بعض قال الله تعالى:
" لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " وقال جل شأنه " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ولولا شبهة الاجماع لأمكن الخدشة في الاستدلال بما ذكر لأنا لا نجد الفرق بين الوصاية والوكالة فلو وكل المسلم الكافر في أخذ ماله على الكافر المدين وصرفه في مصرف معين فهل يمكن منع صحة الوكالة لما في الآيات الشريفة، فلم لم يكن في الوصاية أزيد مما ذكر كيف يمكن منعها لما ذكر فغاية الأمر منع قيمومة الكافر، وأما الوصاية بالنسبة إلى غيرها فلا مجال للاستدلال على منعها بما ذكر ولا مجال أيضا للاستدلال بما يذكر لاعتبار العدالة لعدم تماميته إلا أن يكون الاجماع في المسألة.
وأما اعتبار العدالة فهو المشهور واستدل عليه بأن الفاسق لا أمانة له لوجوب التثبت عند خبره وأنه ظالم لا يركن إليه وأن الوصاية قد تكون ولاية على الطفل أو على أداء حق واجب أو نحو ذلك مما لا ينبغي فيه ايتمان غير العدل وأن الوصاية إثبات الولاية بعد الموت الذي به ترتفع ولاية الموصي ويصير التصرف متعلقا لحق غير المستنيب من طفل أو مجنون أو فقير وغيرهم فتكون أولى باعتبار العدالة من وكيل الوكيل ووكيل الحاكم على مثل هذه المصالح، ومن هنا كان رضا الموصي بالفاسق غير معتد به كما أن منه يعلم الفرق بين الوصاية والوكالة والاستيداع المتعلقة لحق الموكل والمودع المسلطين شرعا على إتلاف مالهما فضلا عن تسليط غير العدل عليه والموصي إنما يسلط على حق الغير لخروجه عن ملكه بالموت مطلقا مع أنا نمنع عدم اشتراط العدالة في الودعي والوكيل إذا كانا على مثل ذلك.
ويمكن أن يقال: لازم ما ذكر اعتبار العدالة في الأب والجد للأب بالنسبة إلى أولادهما الصغار وأموالهم، فنقول: لا دليل على اعتبار الأمانة في الوصي وقد يكون أمينا مع فسقه، ووجوب التثبت في خبره لا يوجب منع وصايته مع أن الفاسق إذا كان ثقة في إخباره يقبل قوله كما قرر في محله، والنهي عن الركون إلى الذين ظلموا