المالك من وصية أو نذر أو نحو ذلك مما يجب إنفاذه شرعا فإنه مع تعذر المصرف المخصوص يصرف في وجوه البر، ولا يرجع إلى الورثة، فمن ذلك ما أوصى بأبواب عديدة من الموصي فنسي الوصي بابا أو أبوابا فإنه يصرف في وجوه البر كما رواه المشايخ الثلاثة عن محمد بن ريان أنه " كتب إلى أبي الحسن محمد بن علي عليهما السلام يسأله عن إنسان أوصى بوصية فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها كيف يصنع في الباقي؟
فوقع عليه السلام الأبواب الباقية اجعلها في البر (1)) ومن ذلك ما رووه عن علي بن مزيد صاحب السابري عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل يتضمن أنه " أوصى رجل بتركته إلى علي المذكور وأمره أن يحج بها عنه، قال: فنظرت فإذا هو شئ يسير لا يكفي للحج فسألت الفقهاء من أهل الكوفة، فقالوا تصدق بها عنه فتصدق به، ثم لقي بعد ذلك أبا عبد الله عليه السلام فسأله فأخبره بما فعل فقال إن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان وإن كان يبلغ ما يحج به فأنت ضامن (2)) والتقريب أنه قرره على الصدقة إذا لم يبلغ الحج به من مكة ولم يحكم بكونه ميراثا.
ويمكن أن يقال: مع بطلان المصلحة لا يتحقق الوقف المؤبد ومع عدم التحقق لا يخرج العين الموقوفة من ملك الواقف وليس هذا رجوعا عن الوقفية إلى الملكية بل من أول الأمر ما خرج من ملكه نظير إجارة الدار مدة معينة مع عدم قابلية الدار بحيث تنهدم قبل بلوغ المدة حيث يقال ببطلان الإجارة من أول الأمر بالنسبة إلى بعض المدة فالمقام من قبيل الوقف على ما ينقرض فسواء سمي وقفا منقطع الآخر أو حبسا لا وجه لخروج الملك عن ملك الواقف وبعد موته يرجع إلى ورثته، ولا وجه لتنظير المقام بباب الوصية مع نسيان الوصي المصرف لصحة الوصية وخروج الملك عن الصلوح للوراثة فمع النسيان يصرف بحكم الشرع في وجوه البر، نعم رواية علي بن مزيد المذكورة إن تم سندها تؤيد مقالة المشهور إن حصل القطع بعدم الفرق بين الوصية والوقف وقد يقال: إنه إن كان يظهر من حال الواقف الإعراض عن المال الذي وقفه