قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في ماء الحمام؟ قال عليه السلام: (هو بمنزلة الماء الجاري) (1) حيث يستكشف من الصحيحة أن الجاري بخصوصية الجريان موضوع للحكم بالاعتصام، فلو كان للكرية مدخلية فيه لما كان للجريان مدخلية، لتساوي الراكد والجاري حينئذ ويدل عليه أخبار أخر لولا المناقشة في السند فلا حاجة إلى التمسك بالتعليل الوارد في صحيحة ابن بزيع، حتى يناقش باحتمال كون التعليل راجعا إلى ترتب ما ذكر: من ذهاب الريح وطيب الطعم على النزح ولا منشأ لاعتبار الكرية إلا مفهوم (إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ) واستفادة العلية المنحصرة في القضايا الشرطية ممنوعة، كما بين في محله، وعلى فرض الظهور قابل للتصرف فيه بما هو أظهر - وأما ما يقال: من أنه مع فرض التكافؤ يكون المرجع النبوي المشهور، ففيه نظر لأن النبوي المتقدم ظاهره اعتصام الماء بنفسه من دون اعتبار مثل الكرية والجريان، بل يستفاد منه - بناء على اعتباره - حصر تنجسه بالتغير في الأوصاف الثلاثة الحاصلة من قبل الأعيان النجسة، وهذا خلاف ما التزموا به من تنجس الماء القليل الغير الجاري بملاقاة الأعيان النجسة والمتنجسة، سواء حصل التغير أم لم يحصل.
(ولا الكثير من الراكد) ويدل عليه الأخبار الكثيرة: منها الصحيح (وسئل عن الماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب؟ قال:
إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ) (2) ويستوي في هذا الحكم مياه الغدران والحياض والأواني، وما ورد من النهي عن استعمال الأواني التي أصابتها يد قذرة أو قطرة بول أو خمر أو دم منصرفة عن صورة الكرية وعلى فرض الاطلاق لا يقاوم الأدلة الدالة على تعيين الضابط وجعل الكرية ضابطا لعدم الانفعال ثم إنه هل يعتبر في عدم الانفعال تساوي السطوح؟ أم يكفي مجرد اتصال بعضه ببعض مطلقا؟ أو مع الانحدار خاصة دون التسنيم؟ لا يخفى أن المناط صدق