طعمه أو ريحه) (1) يشكل، غاية ما يدعى استبعاد تنجس مثل الجاري والكر اللذين لا ينفعلان بملاقاة الأعيان النجسة بواسطة غلبة أوصاف المتنجس، وهذا ليس وجها يطمئن به، نعم قد يدعى ظهور لفظ الشئ في العنوان الأولى، والمتنجس بعنوان الأولى لا ينجس شيئا، ولا يخفى أن لازم هذا عدم نجاسة الماء القليل بملاقاة المتنجس، لعدم اندراجه في مفهوم (إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ) (2) ولا يلتزمون به، وإن التزم به بعض الأكابر - قدس سره - وكيف كان فالمعروف أنه لا بد أن يكون التغير حسيا ولا يكفي التقديري، ويستدل عليه بأن الظاهر من الأدلة حصول عنوان التغيير بالفعل، ولا يبعد أن يقال تارة لا يحصل التغير بالفعل من وجود المانع، كمنع برودة الهواء عن التغير بحيث لو كان الهواء حارا لحصل التغير من جهة الريح مثلا، وتارة أخرى التغير حاصل لكنه لا يتميز مثلا إذا وقع مقدار من الدم في الماء الصافي يتغير لونه من جهة تصفر أجزاء الدم وأجزاء الماء واختلاطها من دون أن يكتسب أجزاء الماء لونا مشابها للون الدم - كما لا يخفى - فإذا وقع هذا المقدار من الدم في الماء الذي يميل لونه إلى الحمرة أو الصفرة - مثلا - لعرض من دون خروجه عن الاطلاق، فالتغير بالمعنى المذكور حاصل وإن لم يتميز أجزاء الماء من أجزاء الدم، ويري لون الماء مثل لونه السابق.
(ولا ينجس الجاري منه بالملاقاة) المقصود عدم اعتبار الكرية في اعتصامه وإلا فلا وجه لاختصاصه بالذكر في المقام ويدل عليه صحيحة داود بن سرحان