قال الصادق عليه السلام: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما نزل عليه جبرئيل بالتقصير قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: في كم ذلك فقال: في بريد، قال: وكم البريد؟ قال: ما بين ظل عير إلى فيئ وعير فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع وهو أربعة فراسخ) وحمل رواية الفقيه على السهو في الحديث ولا يخفى أنه مع الأخذ بالرواية السابقة أيضا لا يتم قول المشهور إذا حمل الذراع المذكور على ذراع اليد والذراع بمعنى آخر غير معهود مضافا إلى أنه قيل: إن البعد ما بين ظل الجبلين أزيد من فرسخ ونصف بكثير وهذا لا ينطبق مع ما هو المشهور، فالعمدة نظر المشهور ولعلهم اطلعوا على ما لم نطلع عليه. وأما وجوب القصر فيما لو سافر بمقدار أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه، وبعبارة أخرى وجوب القصر بثمانية فراسخ ملفقة من الذهاب والإياب مع كون الإياب في ذلك اليوم فهو المعروف بين الفقهاء بل عن الأمالي أنه من دين الإمامية ويدل عليه أخبار منها صحيحة معاوية بن عمار أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام: (إن أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات فقال: ويلهم - أو ويحهم - وأي سفر أسد منه لا تتم) وعن بعض النسخ (لا تتموا) وصحيحته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم ثم رجعوا إلى منى أتموا الصلاة وإن لم يدخلوا منازلهم قصروا) والظاهر أن المراد بالرواية بيان حكمهم إذا رجعوا من عرفات. وصحيحة الحلبي أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا وإذا زاروا ورجعوا إلى منازلهم أتموا) ولا يخفى أنه لا فرق بحسب ظاهر الأخبار بين العود ليومه والعود في غير ذلك اليوم في أثناء العشرة، بل الأخبار الراجعة إلى أهل مكة صريحة في صورة عدم الرجوع لليوم فلا وجه للتقييد المذكور وعمدة ما يستدل به على اعتبار الرجوع ليومه ومع عدمه يتم الصلاة موثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: (سألته عن التقصير، قال: في بريد، قلت: بريد؟ قال: أنه إذا ذهب
(٥٧٦)