والمفرطة جدا تولد السوداء بفرط الاجماد ولكن يجب أن تراعى القوى المنفعلة بإزاء القوى الفاعلة وليس يجب أن يقف الاعتقاد على أن كل مزاج يولد الشبيه به ولا يولد الضد بالعرض وان لم يكن بالذات فان المزاج قد يتفق له كثيرا أن يولد الضد فان المزاج البارد اليابس يولد الرطوبة الغريبة لا للمشاكلة ولكن لضعف الهضم ومثل هذا الانسان يكون نحيفا رخو المفاصل أذعر جبانا بارد اللمس ناعمة ضيق العروق وشبيه بهذا ما تولد الشيخوخة البلغم على أن مزاج الشيخوخة بالحقيقة برد ويبس ويجب أن تعلم أن للدم وما يجرى معه في العروق هضما ثالثا وإذا توزع على الأعضاء فليصب كل عضو عنده هضم رابع ففضل الهضم الأول وهو في المعدة يندفع من طريق الأمعاء وفضل الهضم الثاني وهو في الكبد يندفع أكثره في البول وباقية من جهة الطحال والمرارة وفضل الهضمين الباقيين يندفع بالتحلل الذي لا يحس وبالعرق والوسخ الخارج بعضه من منافذ محسوسة كالأنف والصماخ أو غير محسوس كالمسام أو خارجة عن الطبع كالأورام المتفجرة أو بما ينبت من زوائد البدن كالشعر والظفر واعلم أن من رقت اخلاطه أضعفه استفراغها وتأذى بسعة مسامه ان كانت واسعة تأذيا في قوته لما يتبع التحلل من الضعف ولأن الأخلاط الرقيقة سهلة الاستفراغ والتحلل وما سهل استفراغه وتحلله سهل استصحابه للروح في تحلله فيتحلل معه واعلم أنه كما أن لهذه الأخلاط أسبابا في تولدها فكذلك لها أسباب في حركتها فان الحركة والأشياء الحارة تحرك الدم والصفراء وربما حركت السوداء وتقويها لكن الدعة تقوى البلغم وصنوفا من السوداء والأوهام أنفسها تحرك الأخلاط مثل ان الدم يحركه النظر إلى الأشياء الحمر ولذلك ينهى المرعوف عن أن يبصر ماله بريق احمر فهذا ما نقوله في الأخلاط وتولدها واما مخاصمات المخالفين في صوابها فإلى الحكماء دون الأطباء * (التعليم الخامس فصل واحد وخمس جمل) * * (الفصل في ماهية العضو وأقسامه) * فنقول الأعضاء أجسام متولدة من أول مزاج الأخلاط المحمودة كما أن الأخلاط أجسام متولدة من أول مزاج الأركان والأعضاء منها ما هي مفردة ومنها ما هي مركبة والمفردة هي التي أي جزء محسوس أخذت منها كان مشاركا للكل في الاسم والحد مثل اللحم وأجزائه والعظم وأجزائه والعصب وأجزائه وما أشبه ذلك تسمى متشابهة الاجزاء والمركبة هي التي إذا أخذت منها جزأ أي جزء كان لم يكن مشاركا للكل لا في الاسم ولا في الحد مثل اليد والوجه فان جزء الوجه ليس بوجه وجزء اليد ليس بيد وتسمى أعضاء آلية لأنها هي آلات النفس في تمام الحركات والافعال وأول الأعضاء المتشابهة الاجزاء العظم وقد خلق صلبا لأنه أساس البدن ودعامة الحركات ثم الغضروف وهو ألين من العظم فينعطف وأصلب من سائر الأعضاء والمنفعة في خلقه أن يحسن به اتصال العظام بالأعضاء اللينة فلا يكون الصلب واللين قد تركبا بلا متوسط فيتأذى اللين بالصلب وخصوصا عند الضربة والضغطة بل يكون التركيب مدرجا مثل ما في العظم الكتفي والشراسيف في أضلاع الخلف ومثل الغضروف الحنجري تحت القص وأيضا ليحسن به تجاور المفاصل المتحاكة فلا ترض لصلابتها وأيضا إذا كان بعض
(١٩)