الحلاوة ما يعرض لسائر العصارات الحلوة من الغليان أو لا ثم التحمض ثانيا ومن البلغم أيضا عفص وحاله هذه الحال فإنه ربما كانت عفوصته لمخالطة السوداء العفص وربما كانت عفوصته بسبب تبرده في نفسه تبردا شديدا فيستحيل طعمه إلى العفوصة لجمود مائيته واستحالته لليبس إلى الأرضية قليلا فلا تكون الحراة الضعيفة أغلته فحمضته ولا القوية أنضجته ومن البلغم نوع زجاجي ثخين غليظ يشبه الزجاج الذائب في لزوجته وثقله وربما كان حامضا وربما كان مسيخا ويشبه ان يكون الغليظ من المسيخ منه هو الخادم أو يستحيل إلى الخادم وهذا النوع من البلغم هو الذي كان مائيا في أول الامر باردا فلم يعفن ولم يخالطه شئ بل بقى مخنوقا حتى غلظ وازداد بردا فقد تبين إذا أن اقسام البلغم الفاسد من جهة طعمه أربعة مالح وحامض وعفص ومسيخ ومن جهة قوامه أربعة مائي وزجاجي ومخاطي وجصي والخام في عداد المخاطي وأما الصفراء فمنها أيضا طبيعي ومنها فضل غير طبيعي والطبيعي منها هو رغوة الدم وهو أحمر اللون ناصعه خفيف حاد وكلما كان أسخن فهو أشد حمرة فإذا تولد في الكبد انقسم قسمين فذهب قسم منه مع الدم وتصفى قسم منه إلى المرارة والذاهب منه مع الدم يذهب معه لضرورة ومنفعة اما الضرورة فلتخالط الدم في تغذية الأعضاء التي تستحق ان يكون في مزاجها جزء صالح من الصفراء وبحسب ما يستحقه من القسمة مثل الرئة وأما المنفعة فلان تلطف الدم وتنفذه في المسالك الضيقة والمتصفى منه إلى المرارة يتوجه أيضا نحو ضرورة ومنفعة اما الضرورة فاما بحسب البدن كله فهي تخليصه من الفضل واما بحسب عضو منه فهي لتغذية المرارة وأما المنفعة فمنفعتان إحداهما غسلها المعي من الثفل والبلغم اللزج والثانية لذعها المعي ولذعها عضل المقعدة لتحس بالحاجة وتحوج إلى النهوض للتبرز ولذلك ربما عرض قولنج بسبب سدة تقع في المجرى المنحدر من المرارة إلى المعي واما الصفراء الغير الطبيعي فمنها ما خروجه من الطبيعة بسبب غريب مخالط ومنها ما خروجه عن الطبيعة بسبب في نفسه بأنه في جوهره غير طبيعي والقسم الأول منه ما هو معروف مشهور وهو الذي يكون الغريب الخالط له بلغما وتولده في أكثر الامر في الكبد ومنه ما هو قل شهرة وهو الذي يكون الغريب المخالط له سوداء والمعروف المشهور هو اما المرة الصفراء واما المرة المحية وذلك لان البلغم الذي يخالطه ربما كان رقيقا فحدث منه الأولى وربما كان غليظا فحدثت منه الثانية أي الصفراء الشبيهة بمح البيض واما الذي هو أقل شهرة فهو الذي يسمى صفراء محترقة وحدوثه على وجهين أحدهما ان تحترق الصفراء في نفسها فيحدث فيها رمادية فلا يتميز لطيفها من رماديتها بل تحتبس الرمادية فيها وهذا شر وهذا القسم يسمى صفراء محترقة والثاني أن تكون السوداء وردت عليه من خارج فخالطته وهذا أسلم ولون هذا الصنف من الصفراء احمر لكنه غير ناصع ولا مشرق بل أشبه بالدم الا انه رقيق وقد يتغير عن لونه لأسباب واما الخارج عن الطبيعة في جوهره فمنه ما تولد أكثر ما يتولد منه في الكبد ومنه ما تولد أكثر ما يتولد منه في المعدة والذي تولد أكثر ما يتولد منه في الكبد هو صنف واحد وهو اللطيف من الدم إذا احترق وبقى كثيفة سوداء والذي تولد أكثر ما يتولد منه مما هو في المعدة هو على قسمين كراثي وزنجاري والكراثي يشبه ان يكون متولدا من احتراق المحى فإنه إذا احترق أحدث فيها الاحتراق سوادا وخالط الصفرة فتولد فيما بين ذلك
(١٥)